يبدو أن إضراب التاسع والعشرين من أكتوبر الجاري أغوى إطارات ومكاتب منضوية تحت لواء الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذراع النقابي لحزب بن كيران، إلى شق عصا الطاعة على محمد يتيم، وإعلان الإلتحاق بركب المضربين ضدا على قرارات مركزية الحزب "الحاكم". الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب والذي أعلن صراحة في بيان له، بأنه غير معني بالإضراب المذكور، سارع إلى إصدار بيان ثان تأكيدي لموقفه المعلن سلفا، خصوصا وأن المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية لموظفي التعليم بالصويرة دعا مناضليه وكافة رجال التعليم بالإقليم للإضراب يوم 29، نفس الموقف تعزز بدعوة جامعة الصحة للمحطة ذاتها. وهكذا اعتبر بيان الإتحاد الموجَّه لقطاعاته الموازية وللرأي العام “البلاغ الذي يضم توقيع أربع نقابات، بما فيها الجامعة الوطنية لقطاع الصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وتؤكد فيه مشاركتها في الإضراب الوطني لا يعني الاتحاد الوطني في شيء، ويتعارض مع مقتضيات القرارات الصادرة عن الاجتماع المنعقد يوم الجمعة 17 أكتوبر المنصرم حيث تم اتخاذ قرارا واضح بعدم المشاركة في الإضراب المذكور” وأن "قرارات المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، كما تنص على ذلك المادة 63 من القانون الأساسي ملزمة لكل الجامعات والنقابات الوطنية والمكاتب الجهوية والإقليمية والمكاتب المحلية.” محمد يتيم وفي حوار مع موقع "الرأي" أوضح "ان مشكل التقاعد الذي تم الاستناد اليه في تبرير الدعوة الى الاضراب ليس مشكلا قطاعيا، بل هو مشكل افقي يهم الشغيلة جميعها، والواقع انه اذا كان ينبغي اعلان إضراب عام احتجاجي على الاصلاحات المقياسية الخاصة بنظام المعاشات المدنية، فانه كان من الاولى اعلان إضراب عام بسبب الحيف الحاصل لمتقاعدي الانظمة الاخرى خاصة متقاعدي النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد ومتقاعدي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وهؤلاء يمثلون فئات اجتماعية تعاني من هشاشة المعاشات . في هذه الحالة ليس من المناسب استخدام الشغيلة كاملة للاحتجاج على اصلاح لم يتقرر بصدده اصلاح يهم بالأساس الموظفين بعد، بينما نعلم ان هناك انظمة تقدم معاشات هشة منذ عشرات السنين وتوجد بمجالسها الادارية نقابات تحتج على اصلاح لا زال في علم الغيب..." ليضيف: "اننا غير مقتنعين بدواعي الإضراب العام خاصة ان من بين اهم دواعيه رفض الاصلاحات المقياسية المقترحة وهذه لا تزال مطروحة على الطاولة وهي ما زالت معروضة على المجلس الاقتصادي والاجتماعي من اجل إبداء راي استشاري وما تزال مطروحة على مائدة الحوار الاجتماعي" ليضيف: في مثل هذه الظروف المطبوعة بالمزايدة السياسية والنقابية وأمام تخوف الشغيلة على مستقبلها التقاعدي وضعف التواصل في الموضوع والتهرب من استحقاقات الحوار المسؤول والجاد واستشعار المسؤولية الوطنية ، فانه قد تختلف التحليلات والتقييمات والتقدير ، ومن ثم فوجود وجهات نظر مختلفة امر طبيعي بل انه امر ضروري من اجل اقامة توازن في المواقف ، لذلك سيظل الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب وهيئاته ومؤسساته مجالا لممارسة حرية التفكير والتعبير والاختلاف البناء . هذا امر لا غبار عليه ولكن ذلك ينبغي ان يتم دوما داخل المؤسسات وضمن القواعد القانونية المعمول بها وفي اطار من الالتزام الأخلاقي بالقرارات الصادرة بطريقة ديمقراطية ومؤسسية وفق نطاق القاعدة المعروفة : الراي حر والقرار ملزم.." وبخصوص حالات العصيان المُعلنة فقال يتيم: "النازلة ستعرض للدراسة في لقاء قادم للمكتب الوطني حيث سيتم الاستماع لحيثيات الموقف وتفسيره من قبل الاخوة في جامعة الصحة واتخاذ القرار المناسب وفق المقتضيات القانونية الناظمة لشغل المنظمة." وللإشارة فقد أعلنت ثلاث مركزيات نقابية في وقت سابق من هذا الشهر عن إضراب عام وطني إحتجاجا على ما سُمِّي بالقرارات اللاشعبية لحكومة حزب "المصباح"، وأيضا لإغلاق باب الحوار بينها وبين النقابات، لتتسارع نقابات أخرى لإعلان دعمها وتأييدها لهذه المحطة، وهو ما رفع عدد النقابات المنية بإضراب 29 من هذا الشهر لحوالي 30 نقابة ومركزية نقابية مختلفة.