افتتحت، عشية اليوم الجمعة بزاوية سيدي علي جمال بالمدينة العيقة لفاس، فعاليات الدورة 17 للمهرجان الوطني لفن المديح والسماع، بتنظيم جلسة للسماع الصوفي قدمت خلالها مجموعة من المنشدين و(المعلمين) تلوينات فنية من السماع الصوفي، الذي يشكل أحد روافد فن المديح والسماع. وبرع المنشدون، من خلال أداء مجموعة من القصائد الصوفية والأذكار التي تمتح من أعلام التصوف ومن متن الأمداح النبوية كما أبدعها المغاربة منذ قرون، في شد انتباه الجمهور الذي حضر هذا الحفل الافتتاحي، والذي ضم العديد من المولعين والمهتمين والعارفين بخبايا هذا الفن الأصيل. وستتواصل سهرات هذا المهرجان، الذي ينظمه المجلس البلدي لمدينة فاس تحت شعار "التراث والقيم الكونية"، ويستمر إلى غاية 27 من الشهر الجاري، بتنظيم العديد من "ليالي الذكر" والوصلات الفنية الصوفية، والتي سيحتضنها عدد من الزوايا المعروفة بدورها الكبير في صيانة ونشر هذا التراث الفني، منها جلسة للمديح النبوي بالزاوية الوزانية وأخرى للمديح والسماع بالزاوية الدرقاوية وكلها فضاءات توجد بالمدينة العتيقة داخل الأسوار. كما يتضمن برنامج هذا الحدث الثقافي والفني، الذي يحتفي بفن المديح والسماع كأحد الفنون التراثية التي تشكل رافدا مهما وأساسيا من روافد الهوية الثقافية المغربية، تنظيم حفلات فنية بمركب (الحرية)، إلى جانب سهرات كبرى تشارك فيها المجموعة الفنية للسماع والمديح الديني من الجمهورية اللبنانية، بالإضافة إلى العديد من الفرق والمجموعات الغنائية من مختلف المدن المغربية التي عرفت بمحافظتها على أصول هذا الموروث الفني وضمان استمراريته. وموازاة مع السهرات واللقاءات الفنية التي ستنظم في إطار هذا المهرجان، ستعرف دورة هذه السنة، في الشق الأكاديمي، تنظيم دروس (الماستر كلاس) حول موضوع "تقنية الكورال وفن السماع" يؤطرها مجموعة من الباحثين والأساتذة المختصين. وسيتم خلال هذه الدورة التكوينية، التي سيستفيد منها مجموعة من الشباب المولعين بفن المديح والسماع والراغبين في استكشاف أصوله والتعرف على تقنياته في الأداء والإنشاد، تقديم شروح علمية وتقنية عن الكورال والسماع مع عقد مقارنات مع هذين المجالين والقيام بتجارب تطبيقية لتقنيات الكورال على فن السماع المغربي، من خلال تصنيف الأصوات المشاركة حسب طبقاتها وإعادة توزيعها أثناء الإنشاد مع وضع برنامج مناسب لذلك. وقال عبد المجيد الكوهن، مدير المهرجان، إن المهرجان الوطني لفن المديح والسماع يندرج ضمن المهرجانات التراثية الكبرى التي دأبت مدينة فاس على احتضانها سنويا، مشيرا إلى أن دورة هذه السنة ستنفتح على أنماط فنية جديدة، كما ستحتفي ببعض الألوان الفنية التي تتشابه وتتماهى مع فن المديح والسماع والتي يبرع فيها منشدون من عدة دول عربية. وأضاف السيد الكوهن، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الحدث الثقافي والفني يحتفي بفن المديح والسماع كأحد الفنون التراثية التي تشكل رافدا مهما وأساسيا من روافد الهوية الثقافية المغربية، مبرزا أن الهدف من هذا الملتقى هو صيانة هذا اللون الفني الأصيل وتطويره والمحافظة على أصوله باعتباره مكونا أساسيا للتراث الثقافي والفني الوطني. ويروم مهرجان فاس لفن المديح والسماع، الذي يتزامن تنظيمه مع الاحتفالات المخلدة للموسم السنوي لمولاي إدريس الأزهر مؤسس مدينة فاس، المحافظة على هذا اللون الفني وصيانته وضمان استمراريته كأحد روافد الموروث الثقافي والفني بالمغرب.