ا تزال صناعة الجلود في المغرب تتبع الطريقة التقليدية واليدوية، وتستخدم مواد طبيعية مائة بالمائة، تنتشر معظم المدابغ في فاس التي اشتهرت بهذه المهنة منذ 3 قرون، ولننا اليوم اخترنا تسليط الضوء على إحدى المدابغ في مراكش والتي يتوافد عليها السياح رغم الرائحة الكريهة. يعمل العمال تحت أشعة الشمس على معالجة الجلود عبر غمسها في المياه مع إضافة الليمون وفضلات الطيور والكلاب ويستخدمون لتلوينها أصباغا طبيعية. تبدأ معالجة الجلود التي تصل إلى المدبغة في عربات تجرها الحمير، عبر فرزها ثم توضع في «الجفنة» أو «القصرية» (على شكل إناء كبير) حسب النوع واللون ليتم نقعها في محلول من الجير والماء، حتى يصبح الجلد ناعماً، ويضاف إلى المحلول فضلات الكلاب أو الدجاج أو الحمام. وهذا الخليط يمنح المكان رائحة نتنة تعود عليها العمال. يتم نقع الجلد في المحلول لعدة أيام وأسابيع وإذا لزم الأمر يعاد نقعها عدة مرات. بعد النقع تأتي عملية التنظيف إذ يتم إخراج الجلود من «القصرية» لتنظيفها يدوياً من الصوف العلق. وبعدها يتم غسل الجلد في ماء نضيف ويترك تحت أشعة الشمس ليجف. الخطوة التالية هي صبغ الجلد، إذ يتم وضعه مرة أخرى في «قصرية» من الماء الملون بصبغة طبيعية ويترك لعدة أسابيع، ويتم تحريك الجلد عبر جميع الاتجاهات باستمرار حتى تتوزع الصبغة على جميع أنحائه. هذه الصبغات هي مواد طبيعية مصنوعة من خليط الزعفران الأصفر والأحمر والفلفل. في المرحلة الأخيرة، تذهب الجلود المصنعة إلى ورش العمل حيث تتم صناعة الحقائب والأحذية التقليدية والرياضية وغير ذلك. يتوافد على مدابغ الجلود عدد كبير من السياح لاسيما الأجانب رغم الرائحة الكريهة، ويحرصون على شراء النعناع قبل الوصول إليها لغرض تخفيف شدة الرائحة.