كما يعلم الكثير أنه عندما أوشكت الحرب العالمية الثانية على الانتهاء في عام 1945 اجتمع ممثلوا 50 دولة و على رأسهم خمسة دول منتصرة ، الولاياتالمتحدة، المملكة المتحدة، الاتحاد السوفياتي ، فرنسا و الصين الشعبية في مؤتمر حول تغيير ميثاق تسيير المنظمة العالمية السابقة " عصبة الأمم " التي ارتأوا أن صلاحيتها قد أنهت ، ولم تعد تُجدي بعد الحرب العالمية الثانية ،و قد كان هذا في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا في الفترة من 25 أبريل إلى 26 يونيه 1945. و استمر المؤتمر لمدة شهرين تقريبا ، ثم تم إنشاء منظمة جديدة بصياغة ميثاق جديد سموها " الأممالمتحدة " تم التوقيع عليه، فأصبحت منظمة دولية جديدة خلفا لعصبة الأمم ، و الغاية منها أن تمنع نشوب حرب عالمية أخرى مثل التي عايشها العالم من سنة 1939 م، إلى 1945م ، و أن تمنع الحروب الإقليمية بالتفاوض أو الردع إن تطلب الأمر و أن تهتم بحقوق الإنسان و حقوق الشعوب و الأقليات ؛ والمساواة أمام القانون؛ وحق التدين و الدين؛ وحرية الرأي والتعبير، ؛ والانتخابات؛ وحماية حقوق الأقليات؛ ويحظر الاعتقال التعسفي ؛ والتعذيب والمعاملة القاسية و و حقوق أخرى...... ثم استمرت الدول تنضاف إليها حتى أصبح عددها اليوم يفوق 190 دولة و بعد أكثر من 75 عامًا، لا تزال الأممالمتحدة تعمل على الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وتقديم المساعدة الإنسانية للمحتاجين، وحماية حقوق الإنسان ، و حل الخلافات و النزاعات ، غير أن حق النقض "veto" الذي وضعته الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية لصالحها دون سواها أصبح يُعيق المجريات و القرارات التي يتخذها المجلس أو الجمعية العامة و المصادق عليها من طرف الدول المجتمعة المتفق عليها ، و هذا ما جعل الولاياتالمتحدة تستعمل هذا الحق أكثر من غيرها تُدحض به قرارات عدة التي يطالب بها أغلب دول العالم لما فيه مصلحة الشعوب و حل الخلافات و النزاعات ، و ذلك لحماية مصالحها الاقتصادية و السياسية و العسكرية و حماية دول موالين لها كإسرائيل ، و ما نشاهده اليوم من اعتداءات و قتل و تصفية شعب بأكمله و تجويع و تدمير المدن في فلسطين عامة و غزة خاصة، و ما وقع في آخر يوم لشهر فبراير المنصرم من استهداف للمدنيين في قطاع غزة الذين كانوا ينتظرون المساعدات لسد رمق الجوع بقتل حوالي 120شهيد بينهم أطفال و نساء و شيوخ ، لهو دليل على ترخيص الولاياتالمتحدة لإسرائيل بفعل ذلك باستعمال حقها في النقض ، فكلما طالب المجتمع الدولي بوقف إطلاق النار أو اتهام إسرائيل بالميز العنصري و بتصفية الشعب الفلسطيني برمته ، أو ردع هذا الكيان الغاصب المعتدي إلا و أوقفت الولاياتالمتحدة بحق النقض "فيتو" كل ما يُرغِم الكيان الصهيوني فعله . فتتمادى إسرائيل في غطرستها و ظلمها كما في عنادها وعدم الانصياع لقرارات الأممالمتحدة و تطبيق القانون الدولي . لذا أرى و الله أعلم أن صلاحية الأممالمتحدة قد انتهت Expi، و أرجو أن تكون الشجاعة و الجرءة لدى حكام العرب و عدم ضياع هذه الفرصة للإقدام على موقف موحد بالانسحاب من هذه المنظمة التي لم تعطِ لهم أي امتياز بل أي حق ، فعدد الدول العربية 23، إن انسحبوا جملة من هذه المنظمة بتنسيق مع الدول الإسلامية التي عددها حوالي34 دولة فأتبعوهم بالانسحاب ، ثم مطالبة بعض الدول الأسيوية و أمريكا الجنوبية و دول عدم الانحياز التي لا ناقة لها و لا جمل في هذه المنظمة المتخاذلة للانسحاب ، فستكون ضربة قاضية لهذه المنظمة التي فَسُدت و أفسدت بهذا "الفيتو" المجحف الظالم الذي بين يدي الدول الخمسة المسيطرة. على رأسهم الولاياتالمتحده التي تمنع من القرارات ما تشاء و تُمرر ما تشاء و الباقي يعاينون و يشاهدون و لا حول لهم ولا قوة ، فإذا انسحب عدد مهم من هذه المنظمة فسوف تفقد مصداقيتها ، و بعدها يجب التفكير في إنشاء منظمة دولية جديدة متساوية الحقوق ، وليس هناك لا حق النقض " الفيتو" و لا حق التميُّز لدولة عن الأخرى هكذا فقط ستصبح دول العالم متساوية في القرارات السياسة و أمام الميثاق و القانون الدولي الجديدين و نأمل بعدها أن يتم السلام المنشود في العالم . هذا رأيي أراه صوابا و يحتمل الخطأ .