بادرت وزارة التعليم ببلادنا بضم بعض مؤسسات التعليم الأولي رياض أطفال : حضانات وكتاتيب للإشراف عليها وإلحاق مؤطريها موظفين لديها مربيات ومربين ومديرات ومديرين تحت إشرافها مع ما يقتضي ذلك من دفع لأجورهم وما يتبع ذلك من العناية ببنايات ومؤسسات التعليم الأولي وتجهيزاتها وجعلها في مستوى لائق ، وذلك مما سيعفي الآباء من عبء تحمل شطر من مصاريف تمدرس أبنائهم ، وهي مبادرة استبشر لها الكثير من الآباء في إطار تأميم التعليم الأولي وإلحاقه بالتعليم العمومي الابتدائي منه والثانوي والعالي ، ولكن الذي يلفت النظر ويدعو للاستغراب هو هذا التناقض الواضح بين ما كانت تسعى إليه الدولة بالأمس من إلغاء مجانية التعليم في بعض أسلاكه في أفق إلغاء مجانيته في سائر الأسلاك بحجة ضخامة الميزانية المخصصة للتعليم وعبئها الثقيل على ميزانية الدولة عموما ، وما أقدمت عليه اليوم من تحملها عن الآباء مصاريف تمدرس أبنائهم في إطار تأميم التعليم الأولي وإلحاقه بالتعليم العمومي ، وذلك ما يبرر التساؤل عن سبب هذا التناقض وتفسير دواعي وأسباب ما ذهبت إليه وزارة التعليم في شأن التعليم الأولي خاصة وسائر أسلاك التعليم عامة وللجواب عن هذا التساؤل يكفي أن نعود بذاكرتنا للوراء قليلا ونتذكر ما كانت تحاوله فئة من العلمانيين المغاربة ومن وراءهم من عملاء الاستعمار القديم منه والحديث العبث في مناهجنا التعليمية وخصوصا ما يتعلق بالتربية الإسلامية التي كان بعضهم يدعو لإلغاء تدريسها بالمدارس المغربية ومن بينهم عضو بالمجلس الأعلى للتعليم بعدما كانت وزارة التعليم قد استجابت من قبل لحذف كثير من آيات القرآن الكريم ونصوصه التي كانت ضمن مقررات التربية الإسلامية بحجة كونها تدعو للإرهاب والكراهية ومعاداة السامية ، كما دعا ذلك العضو للتدريس بالدارجة المغربية بدلا عن اللغة العربية الفصحى بحجة صعوبتها ، وحيث إن المغرب دولة إسلامية واقعا ودستورا والمغاربة متشبثون بدينهم يريدون أن يحفظ أبناؤهم ما تيسر لهم من القرآن الكريم ويربونهم تربية إسلامية ، وحيث إن ذلك لم يعد متاحا بمدارسنا المغربية بما يستجيب للتربية الإسلامية المرجوة ، نظرا لما أقدمت عليه وزارة التعليم من عبث في مناهج التربية الإسلامية ، فقد كانوا يقنعون بما يحفظه أبناؤهم من نصوص القرآن الكريم وآدابه في دور الحضانة ورياض الأطفال والكتاتيب القرآنية والآن وقد استولت وزارة التعليم على مؤسسات التعليم الأولي، لا بد أنها ستنهج في إدارتها نفس النهج الذي سلكته في تجفيف منابع الإسلام من المدرسة المغربية من قبل، عملا بمقتضيات المعاهدات الدولية ، لكل ذلك ألا يحق للآباء أن يتوجسوا خيفة على مصير أبنائهم ، ومآل دينهم بعد كل ما ذكر ، والمومن لا يلدغ من جحر مرتين .