أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، اليوم الخميس، أن مهنة المحاماة بحاجة الى الدعم والتأطير "دون المساس باستقلاليتها". وأعرب وهبي الذي كان يتحدث خلال الجلسة الافتتاحية لندوة نظمها الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين و"قطاع المحامين الإتحاديين"، عن تفاؤله بشأن التوصل إلى "تفاهمات" مع النقباء بخصوص قانون مهنة المحاماة الجديد "ننقذ بها مهنة المحاماة ونقوي من خلالها جانب المحاسبة". ورحب وزير العدل في هذا الإطار، بالنقاش الدائر بشأن مسودة القانون ذات الصلة، التي أعدتها الوزارة، والتي تسعى "إلى أن تصبح مهنة المحاماة قوة فكرية وأخلاقية قوية داخل المجتمع"، معتبرا أن الأوضاع التي آلت إليها مهنة المحاماة، "ليست مسؤولية النقباء والمحامين" بقدر ماهي مسؤولية المحيط الذي يؤثر على ممارسة هذه المهنة. وأبرز الوزير خلال هذه الندوة التي نظمت تحت شعار "من أجل إطار قانوني حداثي لمهنة المحاماة"، أن هذه مسودة القانون تطمح إلى أن يكون عمل المحامي "فيه نوع من التعاون على المستوى، المحلي، والوطني والدولي، مشيرا إلى أن "جميع الطاقات الوطنية يجب أن يكون لها حضور على مستوى مهنة المحاماة". ودعا وهبي إلى الارتقاء بالنقاش والخلاف بشأن مهنة المحاماة، إلى "مستوى نقاش أخلاقي وقانوني لا تتحكم فيه وسائط التواصل الاجتماعي، بل يحتكم إلى القانون والعقلانية". من جهة أخرى، اعتبر وهبي أن مهنة المحاماة " لا يمكن ولا يعقل أن تكون هي الحل لأزمة خريجي كليات الحقوق التي تستقطب 347 ألف طالبا يتخرج منهم سنويا 34 ألفا، يتوجه معظمهم نحو مهنة المحاماة أو بعض المهن الأخرى". وأكد أن حجم وشكل وظيفة مهنة المحاماة يجب أن يكون دائما موازيا لحجم الاقتصاد وقوته، منبها إلى أن حدوث أي خلل في هذا المستوى سيلقي بعبء كبير على كاهل المحامين " لن يستطيعوا تحمله". من جهته، أكد رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، أن مهنة المحاماة وممارستها بحرية، تشكل عنصرا مركزيا لا غنى عنه بشأن سيادة القانون، وحماية حقوق الإنسان، واستقلالية القضاء، وتساهم ممارستها بحرية في كفالة اللجوء إلى القضاء، ومراقبة سلطة الدولة، وحماية الحق في المحاكمة وفق القواعد القانونية والضمانات القضائية. وأشار إلى أن الدول يجب أن تكفل لممارسي مهنة المحاماة إمكانية القيام بذلك "من دون تخويف، ولا عوائق، ولا مضايقة، ولا تدخل، على نحو ما تشير إليه المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إلى الحق في المساواة أمام المحاكم وفي المثول أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة". وسجل ميارة، أن مسودة النص المقترح "تستلزم من جهة التجويد، عند الاقتضاء، والملائمة مع المعيار الدولي الحقوقي المنطبق الاسترشاد بما استنتجه وما أوصى به المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، دييغو غارسيا سايان، المقدم لمجلس حقوق الإنسان شهر يوليوز 2022 حول حماية المحامين من التدخلات غير المبررة في ممارسة المهنة القانونية بحرية واستقلالية". من جانبه، قال الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، إن هذا اللقاء الدراسي، يعد فرصة سانحة لتملك رؤية واضحة حول أوضاع مهنة المحاماة "خاصة بعد المعارك الأخيرة التي عاشتها المهنة". وأكد أن كل محاولة لإصلاح مهنة المحاماة، يتعين أن تنطلق من تشريح علمي موضوعي وعقلاني لأوضاعها ومن تم الاستجابة لما تحتاجه من تدابير وإجراءات تعالج اختلالاتها وتروم تعميق حصانتها واستقلاليتها وتوسيع مجالات احتكارها وتعزيز مكانتها وتحديث أساليب ممارستها. وأبرز لشكر أن العروض التي ستقدم خلال هذا اللقاء، وكذا النقاشات الجماعية التي ستتلوها، والخلاصات التي سيتم الإنتهاء إليها، من شأنها توفير "الرؤية الواضحة، والمقترحات الإيجابية، التي سنغني من خلالها مساهمتنا في تجويد المشروع الذي تعتزم الحكومة عرضه في المسار التشريعي".