محيط القصر الرئاسي.. ميدان تحرير جديد شهدت مصر مساء الاثنين تظاهرات كبيرة تخللتها مواجهات بين قوات الامن ومتظاهرين امام قصر الرئاسة في القاهرة في الذكرى الثانية لتنحي الرئيس السابق حسني مبارك ليردد المحتجون خلالها الهتافات نفسها مثل "ارحل ارحل" و"الشعب يريد اسقاط النظام". واستخدمت الشرطة خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين الذين كانوا يرشقون قصر الاتحادية الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة بمقذوفات كما اظهرت لقطات مباشرة بثها التلفزيون الرسمي. وتمكنت قوات مكافحة الشغب التي كان كثير من افرادها يرتدون اقنعة واقية من الغازات من ابعاد المحتجين الى الشارع العريض المجاور للقصر الا ان بعضهم ما زال موجودا في الشوارع المحيطة به. وقالت وزارة الداخلية في بيان ان "اقلية غاضبة" تسببت بالمواجهات عبر محاولتها نزع اسلاك شائكة تحوط بسور القصر الرئاسي. وكانت مسيرة من مئات المتظاهرين توجهت في وقت سابق الى قصر الاتحادية استجابة لدعوة مجموعات المعارضة فيما توجهت مسيرات اخرى الى ميدان التحرير رمز ثورة 25 يناير التي اطاحت بالرئيس السابق. ورفع المتظاهرون لافتات تؤكد ان "الثورة المستمرة" وهم يهتفون "بعد الدم مفيش شرعية" و"يسقط يسقط حكم المرشد" في اشارة الى محمد بديع مرشد جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها الرئيس محمد مرسي. وقال بدر عزيز (55 سنة) الذي رفع صورة عبد الناصر "مرسي ليس رئيسا شرعيا لانه لم يحقق مطالب الثورة وعلى راسها العدالة الاجتماعية"، وتابع عزيز الذي فقد عمله "احوالنا سيئة ومرسي يزيد الوضع سوءا بتصرفاته". وقال عادل الحمصاني (58 سنة) الذي يعمل نجارا "مرسي هو مبارك.. كلاهما ديكتاتور" واضاف "نحن قادرون على اسقاط مرسي لكن التضحيات ستكون اكبر والدم سيكون اكثر". ورأى احمد الشاهد وهو محاسب شاب في الخامسة والعشرين ينتمي الى حزب الدستور الذي اسسه المعارض محمد البرادعي ان "خلع مرسي اصعب لانه منتم لجماعة لها شعبية.. وبالتالي الامر لا يقتصر على مواجهة الشرطة"، وتدارك "لكن مرسي لم تعد له شرعية بعد الدم والثورة مستمرة". ولاحظ شاهد وجودا بارزا للنساء في هذه المسيرات رغم حالات التحرش الجنسي المتكررة التي اعتبر البعض انها مقصودة لاخافة النساء وردعهن عن المشاركة في التظاهرات. الا ان مها الحاج وهي طالبة في الحادية والعشرين اكدت "انا غير خائفة من التحرش لان التحرش مقصود به احباطنا ومنعنا من المشاركة في الثورة"، وتابعت "الثورة مستمرة لان لا شيء تغير، مطالب الثورة لم تتحقق، والشهداء يزيدون". كما لوحظ وجود تجاوب شعبي كبير مع المتظاهرين الذي كانوا يوزعون على المارة منشورات بمطالب الثورة. وكانت قوات الامن وضعت الاثنين في حالة تاهب لمواجهة هذه التظاهرات وعززت الاجراءات الامنية حول القصر الرئاسي ووزارة الداخلية وميدان التحرير وعدد من المباني الرسمية. وقد انطلقت المسيرات في الخامسة بعد الظهر (15:00 تغ). من جهة اخرى قطع عدد من المتظاهرين حركة سير مترو الانفاق لفترة قصيرة في محطة السادات بوسط القاهرة حيث جرت مشادات بينهم وبين الركاب وشرطة المترو. كما اوقف متظاهرون حركة السير على جسر 6 اكتوبر الحيوي وفقا لشهود وللتلفزيون المصري. وكانت حركات واحزاب معارضة دعت الى التظاهر الاثنين لمطالبة مرسي بتحقيق اهداف الثورة التي اوصلته الى الحكم. وكان مئات الالاف من المصريين نزلوا في مثل هذا اليوم قبل عامين الى الشارع احتفالا باستقالة مبارك مقتنعين بان التغيير الديموقراطي وشيك. واليوم، يعرب كثيرون عن غضبهم من عدم تحقيق اي من الاهداف الرئيسية لهذه الثورة وعلى راسها الحرية والعدالة الاجتماعية وكذلك من حالة الانقسام التي تشهدها البلاد بين انصار مرسي من التيار الاسلامي ومعارضة متنوعة اغلبها ليبرالي ويساري. ومن مطالب المتظاهرين ايضا تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة وتعديل الدستور الذي صاغته لجنة يهيمن عليها الاسلاميون واقالة النائب العام الذي عينه مرسي. والى جانب الازمة السياسية تشهد البلاد ازمة اقتصادية حادة بسبب انهيار الاستثمارات الاجنبية وتدهور السياحة. اما مبارك المريض البالغ من العمر 84 عاما والمحكوم عليه بالسجن مدى الحياة فينتظر محاكمة جديدة وسط لامبالاة جزء كبير من الشعب الذي بات يعتبره من الماضي في حين ان جزءا اخر بات يعتبره مظلوما.