بعد عودتهم القسرية من أوكرانيا جراء ظروف الحرب، وجد آلاف الطلبة المغاربة انفسهم في وضع جد صعب، فرغم متابعتهم حاليا وبعد أسابيع من التوقف لدراستهم عن بعد الا أن هاجس مستقبلهم بدأ يراودهم، خصوصا وأن وعود وزير التعليم العالي والبحث العلمي بإدماجهم في صفوف السلك التعليمي المغربي العالي بدأت في الاندثار، في ظل رفض زملائهم وبشدة خصوصا بكليات الطب والصيدلة المغربية للفكرة أساسا، ورفعهم للفيتو في وجه الوزير. الطلبة العائدون من أوكرانيا عمدوا لتكوين تنسيقية طلابية توحد أصواتهم فيما أسس آباؤهم جمعية قانونية بغرض فتح حوار مع الوزارة ومناقشة العديد من المشاكل التي تؤرقهم. وعبر أعضاء التنسيقية عن مطلبهم بالإدماج في اللجان الموضوعاتية التي تدرس حلول اشكالياتهم، نظرا لمعرفتهم واطلاعهم على النظام التعليمي الأوكراني من جهة ولفهمهم لمشاكل زملائهم البيداغوجية.. ما لم يتحقق لحدود الساعة. صحيح أن غالبية الطلبة يودون إدماجهم بالجامعات المغربية، الا أن إكراه الطاقة الاستيعابية يبقى حاضرا، رغم مقترحات عديدة لتجاوز هذا الإكراه، كفتح أبواب المستشفيات الجهوية في وجوههم للتداريب بدلا من المستشفيات الجامعية المؤهلة لهذه المهمة. الوزير عبد اللطيف ميراوي وخلال أجابته عن أسئلة شفوية بمجلس المستشارين، أكد أنه يتم حاليا دراسة كافة الحلول انطلاقا من المستجدات الأخيرة، خصوصا ما يتعلق بإمكانية تتبع الطلبة لدراستهم عن بعد كما جاء في المذكرة التي عممتها وزارة التعليم العالي في أوكرانيا، مع إمكانية احتساب التدريبات المنجزة في المغرب داخل المؤسسات الصحية. وذكر المسؤول الحكومي أن عمداء كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة يعقدون اجتماعات مكثفة حول الموضوع، حيث ستجرى امتحانات للطلبة لضمان الجودة، لأن كلية الطب المغربية معروفة دوليا بكفاءتها وأن الأطباء المغاربة تستقطبهم دول أخرى، وهو موضوع يثير غضب الطلبة وقلقهم في ذات الوقت على مستقبلهم. كما تحدث ميراوي عن إجراء اتصالات مع الهيئات الدبلوماسية لبعض الدول الصديقة في أوروبا الشرقية التي بها نظام تعليمي مماثل لنظيره في أوكرانيا، مثل رومانيا وهنغاريا وبلغاريا، ودراسة إمكانيات استقبال الطلبة المغاربة في مؤسسات التعليم العالي بهذه البلدان. مقترح ترفضه شريحة واسعة من العائدين فتكلفة الدراسة في كل من ألمانيا والمجر وبلغاريا مرتفعة، وسيتطلب الأمر من الآباء دفع مبالغ باهظة تبدو مستحيلة لكثيرين ممن "غرقوا" في ديون لا زالوا يدفعون أقساطها لإرسال أبنائهم لأوكرانيا، إلى جانب أحد أبرز العراقيل البيداغوجية و المسطرية المتمثلة، في عدم تحصلهم على وثائقهم ودبلوماتهم الجامعية التي لاتزال عالقة بأرشيفات الجامعات الأوكرانية. صحيح، وكما سبق وأشرنا، فالطلاب العائدون يواصلون حاليا تعليمهم عن بعد، إلا أن المشكل سيطرح وبقوة مطلع السنة الجامعية المقبلة، ما يستدعي إيجاد حلول سريعة لهاته الأزمة، ما لن يتأتى إلا بجلوس ميراوي شخصيا مع تنسيقية الطلبة وجمعية أسرهم أو معهما معا للحوار العقلاني والشفاف في أفق الحلول الموعودة.