لعله أول تصريح يدلي به مسؤول من الإدارة الأمريكي الجديدة في موضوع قضيتنا الوطنية، جاء ذلك على لسان الناطق الرسمي باسم الخارجية الأمريكية السيد "نيد برايس"، بعد أن أكد أن موقف الولاياتالمتحدة من الصحراء المغربية لم يطله أي تغيير، على الرغم من الضغوطات التي حاول أن يمارسها اللوبي الأمريكي الموالي للانفصاليين بتمويل من المال العام للشعب الجزائري، لإقناع إدارة جو بايدن بالعدول عن الاعتراف الأمريكي بمغربية أقاليمنا الصحراوية . ذلك أن كل الحملة المناهضة التي مولها النظام الجزائري باءت بالفشل وتحطمت على صخرة البيان الإعلامي للسيد "نيد برايس" . فالمسؤول الأمريكي قال في سياق رده على سؤال بهذا الخصوص، انه ليس هناك أي تغيير في الموقف الأمريكي حيال قضية الصحراء الذي يعد صفعة في وجه أولئك الذين كانوا يراهنون على أن يتراجع الرئيس بايدن عن اعتراف دونالد ترامب بمغربية الصحراء. إذ لا يمكن حدوث تغيير من هذا القبيل لأنه قد يكون مخاطرة وضربة للمصالح الاستراتيجية لأمريكا في المنطقة. وأعرب عن اعتقاده أن ذلك الموقف الذي أعلن على نطاق واسع مازال ساري المفعول، مرحبا بالخطوات الجديدة التي اتخذها المغرب لتطوير علاقاته مع إسرائيل والتي أكد فيها أن هذه العلاقات ستعود على المدى البعيد بالمنفعة على البلدين. وشدد على أن أمريكا ستستمر في دعمها للمسلسل الأممي من أجل حل عادل ونهائي لهذا النزاع في المغرب. وأضاف أن بلاده تدعم المينورسو للإشراف على وقف لإطلاق النار والحيلولة دون العنف في المنطقة. لا شك أن هذه التصريحات توحي منذ الوهلة الأولى عند البعض على أنها تحمل على الاعتقاد أن الموقف الأمريكي يكتنفه نوع من الغموض، أو لم يكن على درجة كبيرة من الوضوح كما كان يتطلع إليه المغاربة. لكن في اعتقادي أن من يمارس السياسة من موقع المسؤولية يتعمد أحيانا صيغا من الإخراج بحسب الظرفية، قد يبدأ بنوع من الغموض المتعمد بنية تطوير الموقف وجعله أكثر وضوحا مع مرور الوقت أو كلما تطورت الظروف لتصبح على درجة من النضج كي تستوعب خرجات أخرى لعلها تكمل المشهد المطلوب والمنتظر. وفي جميع الأحوال يبقى تصريح المسؤول الأمريكي على قدر كبير من الأهمية وينطوي على رسائل فيها ما يفيد أن الإدارة الأمريكيةالجديدة لا يسعها إلا أن تكون إلى جانب المغرب الذي يعد حليفا استراتيجيا لواشنطن في المنطقة. وسنحاول أن نفكك مضامين ما جاء على لسان المسؤول الأمريكي، في ما يلي: جوابا على سؤال بخصوص ما إذا كان هناك تغيير في الموقف الأمريكي بخصوص الصحراء، أجاب السيد "نيد برايس" "ليس هناك تحيين للموقف، فما قلناه على نطاق واسع ما زال ساري المفعول". " no updated what we have said broadly is still supplies وفي ذلك إشارة قوية إلى ثبات" الموقف الأمريكي الجديد. والمقصود بعبارة "نطاق واسع" هو نشر ذلك الاعتراف الأمريكي في الجريدة الفدرالية، وفي توزيع خارطة المغرب كاملة على مختلف المؤسسات والولاياتالأمريكية، وفي إيداع ذلك الاعتراف الرسمي لدى الأممالمتحدة، وكذلك في تقديم السفير الأمريكي خريطة المغرب متضمنة الأقاليم الصحراوية حاملة توقيعه إلى جلالة الملك وأخيرا فتح قنصلية أمريكية جديدة في الداخلة بحضور نائب وزير الخارجية السابق. جاء أيضا على لسان المسؤول الأمريكي "إننا سنواصل دعم المسلسل الأممي من أجل التوصل إلى حل عادل ودائم لهذا الخلاف طويل الأمد بالمغرب". يفهم من هذا الكلام أن حل هذا النزاع لا يستقيم إلا في إطار مغربي وفي ذلك إشارة قوية إلى مبادرة الحكم الذاتي. وهذه المبادرة باتت منذ عام2007 المرجع الأساسي لكل القرارات التي تصدر عن مجلس الأمن. يذكر في هذا السياق أن الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت من بين الدول الصديقة التي أوحت للمغرب بأن يقدم مبادرة في هذا الاتجاه. المسؤول الأمريكي لم يتوقف عند هذه الإشارة بل دعمها بإشارة أخرى لها دلالتها في دعم أطروحة المملكة المغربية حينما قال "سنواصل كذلك دعم عمل قوات المينورسو في مراقبة وقف إطلاق النار والحيلولة دون العنف في المنطقة". ملاحظة أولية أن هذا المسؤول استخدم مصطلح "عمل المينورسو" بدل من مصطلح "مهمة المينورسو" . الملاحظة الثانية حصر ذلك المسؤول نشاط القوات الأممية في مراقبة وقف إطلاق النار والتصدي للعنف مستبعدا بذلك كليا مسألة الاستفتاء التي أصبحت متجاوزة من قبل القرارات الأممية. تطرق الناطق الرسمي للخارجية الأمريكية من دون أن يسأل عن ذلك إلى أهمية "الرزنامة" المحددة في الاتفاق الثلاثي الأمريكي المغربي الإسرائيلي كمرجعية تتحدث عن دعم ومساندة ذلك الاتفاق الثلاثي لمغربية الصحراء. والاستئناس بذلك باسم الإدارة الأمريكيةالجديدة يعني فيما يعنيه هو تبني الخط السياسي والسير على هديه وعلى نفس الهدف. إجمالا يبدو أن موقف إدارة "جو بايدن" لا يختلف عن موقف إدارة دونالد ترامب من حيث المضمون. لكن الخلاف وإن كان فهو في الشكل وفي طريقة التعبير عن الموقف الذي هو نفسه. ويجب تفهم ذلك لأنها أول خرجة إعلامية وكان لابد منها لإسكات اللوبي المناوئ. ومن جهة أخرى يبدو أن النظام الجزائري قد أمر الانفصاليين بلزوم الصمت وعدم الإدلاء بأي تصريح يرد على ما جاء على لسان الناطق الرسمي للخارجية الأمريكية لعدم إثارة ردة فعل من الجانب الأمريكي قد يزيد جنرالات الجزائر عزلة.
هذا الموقف الأمريكي يعد صفعة جديدة لطمت النظام الجزائري وأذنابه سيما بعد أن وضع أموالا طائلة رهن إشارة أعضاء من الكونغريس الأمريكي للضغط في اتجاه العدول عن القرار الأمريكي القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء. كل هذه الأموال رصدت من دون أن تأتي أكلها وحرم الشعب الجزائري مرة أخرى وهو يرى خيراته تنفق في قضايا وهمية. واليوم يتحاشى النظام الجزائري كما هو الشأن بالنسبة للانفصاليين، أن يتطرقوا إلى هذه الانتكاسة التي تتزامن الآن مع تجدد الحراك الشعبي. فالحديث عنها قد يصب الزيت في النار لتندلع في الهشيم حيث لا تبقي ولا تذر من جنرالات ذلك النظام. صبرا أيها الأشقاء في الجزائر النصر آت والمجد لكم.