سبق لي أن كتبت مقالا بعنوان" السلوك المدني: الحاضر/ الغائب ،نشر بتاريخ 13 ماي 2020 ختمته بالعبارة الثالية"المعركة لازالت طويلة ضد لامدنية الانسان من أجل تربيته وتنشئته اجتماعيا،لأن هذا هو السبيل الوحيد من أجل مجتمع امن ومستقر يعيش فيه الجميع في تعايش وتسامح وتضامن".في هذه المقالة سأعود الى تناول نفس الموضوع الذي فرضه ماقد يلاحظه الجميع في المدة الأخيرة من انتشار بعض أو مجموعة من الافعال والسلوكات التي لاتليق بأسمى وأعلى كائن على الاطلاق " خليفة الله في أرضه" انه الكائن الانساني، لنتساءل جميعا عن طبيعة تصرفات هذا الكائن -الذي من المفروض ان يكون عاقلا وانسانيا وأخلاقيا واجتماعيا - ضد بني جنسه والوقوف على أسباب ونتائج ذلك على الحياة الإنسانية والاجتماعية. 1- سلوك الانسان: منذ ان ظهر الفكر الانساني وهو يبحث ويفسر في سلوكات الانسان و دوافعها وتأتيراتها المختلفة على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية .فرغم تعدد الأنماط السلوكية وتنوعها فيمكن تصنيفها الى نمطين أساسيين : سلوك مدني وسلوك لا مدني.ان حضور هذا النوع اوذاك وهيمنة أحدهما على الآخر يختلف من مجتمع لاخر حسب التطور التاريخي والحضاري وتبعا للتقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمستوى التربوي و التعليمي في أي بلد. 2- القاعدة والاستثناء في السلوك البشري. مع تطور وسائل الاعلام خاصة الرقمي منه وسرعة انتشار الخبر وسهولة الوصول الى المعلومة، قد يتصور المرء ان السلوك اللامدني هو الطاغي على سلوكات الانسان ،فما نقرأ ونشاهد و نسمع من عنف واعتداء وسرقة واغتصاب وقتل بين بني ادم وخيانة الأمانة ونصب واحتيال وتحايل وتزوير الى غير ذلك من الافعال التي قد يعيشها أو يتعرض لها اي شخص كل ذلك يطرح عدة تساؤلات عن الأسباب التي تجعل البعض يلجأ إلى هذه الأشكال من السلوكات الغريبة عن طبيعة الإنسان الحقيقية الخيرة والمسالمة المتسمة بالطيبوبة والتسامح والتضامن والتعاون فيما بين الأفراد خاصة منهم الذين ينتمون إلى المجتمع الواحد والذين يحملون نفس القيم الدينية والوطنية والاجتماعية .قد تختلف التفسيرات وتتعدد التحليلات ولكن قد نتفق جميعا على أن من الاسباب الرئيسية لبروز السلوكات اللامدنية المدمرة لكل القيم الدينية والانسانية ولكل النظم والقوانين تعود الى انعدام التربية على السلوك المدني،بدءا من الأسرة والمدرسة وجميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى وتراجع دورها في التكوين والتأطير والتهديب ( سنعود في مقالات قادمة ان شاء الله الى دور هذه المؤسسات في نشر السلوك المدني) .يقول الكاتب العربي الكبير ميخائيل نعيمة " ما أكثر الناس وما اندر الانسان". فالناس والبشر كثر وهم بأجناس مختلفة وانماط كثيرة وأشكال متعددة ولكن الانسان الانساني هو ما نريد ان نراه في حياتنا الإنسانية والاجتماعية .