توّحد الكثير من المغاربة، سواء في مدرجات ملعبي 30 يونيو والسلام في القاهرة، أو وراء شاشات التلفزيون في المقاهي والمنازل، على مساندة المنتخب الجزائري الذي تأهل إلى دور ربع النهائي في نهائيات كأس إفريقيا، بعد فوزه على غينيا، وقبل ذلك، بعد تأهله على رأس المجموعة الثالثة. والتقطت الكاميرات العديد من المشاهد والصور للمشجعين المغاربة في نهائيات أمم إفريقيا 2019، وهم يحتفلون بأهداف المنتخب الجزائري في النهائيات، ومنهم من رفعوا شعار "خاوة خاوة"، وهو شعار تحوّل إلى هاشتاغ منذ بداية البطولة، إذ تمنى الكثير من جماهير البلدين أن يلتقي المنتخبان في النهائي، خاصة أن برنامج المباريات، بعد تأهلهما إلى دور ثمن النهائي، أتاح إمكانية هذه المواجهة النهائية، لكن إقصاء المغرب أمام منتخب بنين، أجلّ حلم النهائي من جديد. وليس المغاربة وحدهم من شجعوا المنتخب الجزائري، فالجزائريون كذلك شجعوا المنتخب المغربي في محافل كثيرة، ومن ذلك مشاركة أسود الأطلس في مونديال روسيا 2018، في ظل عدم مشاركة "محاربي الصحراء" خلال تلك النهائيات. وبدأت حملة التشجيع مبكراً قبل ضمان التأهل عندما انتشرت صورة حملت هذه العبارات: "نحن كجزائريين نتمنى أن يتأهل بلدنا الثاني المغرب ويعوّض غيابنا وسنكون معه بالقلب والروح وسنشجعه.. خاوة خاوة". منتخب جزائري "جذاب" كروياً نال "محاربو الصحراء" إعجاب المتتبعين بالرياضيين بأدائهم في النهائيات الإفريقية، فالمنتخب سجل لحد الآن تسعة أهداف ولم يستقبل أيّ هدف، كما أنه تفوّق على السنغال، أحد المرّشحين الكلاسيكيين لنيل اللقب الإفريقي. وتميّز المنتخب الجزائري بجماعية لعبه، وقتاليه لاعبيه ومهاراتهم، والتكتيك الصارم الذي يتبعه المدرب جمال بلماضي. ووجد المغاربة ضالتهم في هذا المنتخب، إذ افتقد أسود الأطلس لشفرة فكّ المنتخبات الدفاعية، وهو ما ظهر في مبارتي ناميبيا وبنين، كما تداول الإعلام المحلّي وقوع مشاكل داخل معسكر المنتخب خلال المباريات الإعدادية، فضلاً عن افتقاد عدد من النجوم لمستواهم، أبرزهم حكيم زياش الذي ضيّع ضربة جزاء حاسمة أمام بنين، وكان شبه غائب طوال البطولة. بينما في الجانب الآخر، تألق النجم رياض محرز في النهائيات وأحرز إلى الآن هدفين، فضلاً عن انتزاعه جائزة أفضل لاعب في المباراة أمام غينيا. وحظي المدرب الجزائري جمال بلماضي بإشادة خاصة، فقد كان لاعباً سابقاً للمنتخب، ثم راكم خبرات تدريبية في قطر، قبل أن يعود للمنتخب مدرباً حيث أضحت لمسته واضحة بشكل أنسى الجزائريين مرحلة التخبط في المدربين، التي تلت مشاركة المنتخب في كأس العالم عام 2014. بينما في الجانب الآخر، أثارت عدة تقارير إعلامية الشكّ في مستقبل المدرب الفرنسي هيرفي رونار مع المنتخب المغربي، خاصةً أن أداء هذا الأخير في "الكان"، كان الأسوأ بين كل المباريات الرسمية النهائية التي أشرف عليها رونار منذ استلامه دفة تدريب المنتخب خلفاً لبادو الزاكي. روابط تعمق التعاطف وإضافة إلى الأسباب الرياضية، يجد الكثير من المغاربة والجزائريين في تشجيع المنتخبين فرصة لتذليل الخلافات السياسية المستمرة بين البلدين منذ استقلالهما عن فرنسا، وتجديد المطالبة لفتح الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، لأجل أن تعود الزيارات بين الشعبين إلى سابق عهدها، خاصةً مع وجود عائلات مختلطة على الحدود. ويستغل عدد من النشطاء هذه المناسبة الكروية لخلق مبادرات تؤكد على عدم اتفاقهم على طريقة الدولتين في تدبير خلافاتهما السياسية، فيما يتجنب آخرون الحديث عن الموضوع السياسي، ويركزون على ماهو مشترك. وعلاوة على الروابط التقليدية كالدين والجغرافيا وتوحدهما ضد الاستعمار الفرنسي، يشترك الشعبان في العديد من الروابط، إذ تقترب اللهجتان العاميتان كثيراً من بعضهما، خاصة في المناطق الشرقية للمغرب والغربية للجزائر، كما تنتشر اللغة الأمازيغية بشكل واسع في البلدين. وتوجد روابط أخرى ثقافية منها انتشار أغاني الراي في البلدين، كما يجد الزائر نوعاً التشابه في العادات كتحضير بعض أنواع الطعام والعديد من المظاهر الاحتفالية، فضلاً عن رموز تاريخية عاشت بين البلدين.