بعد ثلاثة أشهر على تألق الشياطين الحمر بمونديال روسيا، دخلت كرة القدم البلجيكية في دوامة بعد الكشف عن فضيحة الغش والتلاعب بنتائج المباريات. وتتعلق هذه القضية، التي هزت الأوساط الإعلامية والرياضية، بمنظمات إجرامية، وتبييض الأموال، والفساد في الدرجة الأولى من البطولة البلجيكية لكرة القدم. نوادي النخبة، لاعبون، وكلاء، مدربون، حكام، محامون، والصحفيون ...، يحتمل تورطهم في هذه الفضيحة التي انكشفت بعد حملة مداهمات قامت بها الشرطة الأربعاء في بلجيكا وعدد من البلدان الأوروبية. وفي إطار هذه العملية، التي شارك فيها 184 شرطي، تم اعتقال عدد من الوجوه البارزة في كرة القدم البلجيكية على رأسهم هيرمان فان هولسبيك، المدرب السابق لأندرلخت، وإيفان ليكو،ن مدرب نادي بروج، وإثنين من أفضل الحكام البلجيكيين، سيباستيان ديلفيريير وبارت فيرتينتن، وكذا لاعبين من فريق و(اسلاند – بيفيرين). وحسب النيابة العامة، فإن المداهمات شملت تسعة أندية من قسم النخبة من بينهم الخمسة الكبار (أندرلخت، إف سي بروج، ستاندار دو لييج، غينك، ولاغانوتواز)، وكذا أندية في الخارج وخاصة في فرنسا، واللوكسمبروغ، وقبرص، ومونتينيغرو، وصربيا ومقدونيا. وأسفرت هذه المداهمات على حجز وثائق وساعات ثمينة، ومجوهرات ومبالغ مالية تقدر قيمتها ب 11 مليون أورو. وورد إسم موغي بايات وديجان فيلكوفيتش بشدة في التحقيقات، وهما من كبار وكلاء اللاعبين الأكثر نفوذا في أوساط كرة القدم البلجيكية، وتحوم حولهما شكوك في تورطهما في مجموعة من عمليات غير قانونية لانتقال اللاعبين، وبعمولات غير مصرح بها من أجل التهرب من الضرائب. وحسب آخر المعطيات التي كشفت عنها التحقيقات، فإن وكيل اللاعبين البلجيكي الشهير موغي بايات تلاعب في عمليات انتقال لاعبين من أجل الرفع من قيمة العمولات على حساب اللاعبين والأندية، وإخفاء عمولات مع وكلاء متواطئين آخرين، وشركات في بريطانيا، وفرنسا واللوكسمبورغ، وشراء ساعات يدوية ثمينة بقيمة 8 مليارات أورو لتقديمهم كهدايا خلال إبرام الصفقات. أما فيلكوفيتش، فقد وجهت إليه تهمة عدم التصريح بعمولات، وتمرير تعويضات على شكل نفقات إضافية. كما أن هذا الأخير متورط، حسب النيابة العامة، في الغش في لقاءين (أنتويرب – أوبين ومالين وواسلاند – بيفيرين) نهاية موسم 2017 – 2018 من أجل تمكين نادي مالين من تفادي النزول إلى دور الدرجة الثانية. فقد اتصل فيلكوفيتش بلاعبين من فريق واسلاند – بيفيرين ومع حكم مباراة أنتويرب – أوبين، من أجل التأثير على نتائج المبارتين. ومع هذه الاعترافات التي تتقاطر مع تقدم التحقيقات، يبدو أن صورة كرة القدم البلجيكية قد تلقت ضربة موجعة. فقد قال الناطق باسم الاتحاد البلجيكي لكرة القدم بيير كورني إنه " بغض النظر عما ستتوصل إليه النيابة العامة بخصوص غش، أو تبييض الأموال أو تلاعب بنتائج المباريات من أشياء مهمة أم لا، فإن الخسائر جسيمة على مستوى صورة كرة القدم البلجيكية " معترفا أن هذه الخسائر "لا يمكن تعويضها ". وقد خلفت هذه الفضائح خيبة أمل كبيرة في صفوف عشاق كرة القدم البلجيكية حيث أكد رئيس جمعية مشجعي بلجيكا أنه " ليس هناك أسوأ بالنسبة للمتفرج من التلاعب في نتائج المباريات ". وتؤكد هذه الفضيحة أن أثر المال على كرة القدم لم يسبق أن كان بهذه القوة، مهددا بذلك، وبشكل جدي، أخلاقيات الرياضة. إنها حقيقة مرة بالنسبة لعشاق هذه الرياضة الذين يعتبرون أن اللعب الجميل والروح الرياضية أسمى من أي اعتبارات أخرى.