بعد الإعلان عن عقد مناظرة بين الشيخ الفزازي والأخ رشيد، نشرتُ عبر الفيسبوك، وفي عدة مواقع أخرى، بما فيها موقع الشيخ نفسه، تدوينة مؤرخة في 20/9/2017 ، جاء فيها: ((تنبيه للشيخ الفزازي ما دام في الوقت متسع إن كل متتبع أكاديمي لمحاضرات وعروض الشيوخ الدعاة، وكذلك في مناظراتهم ، يلاحظ استعمالهم للعبارات الفضفاضة، ولأساليب التعميم المبهمة التي لا تفيد علما حقيقيا، وتعمّدَهم القفز عن ذكر مصادرهم أو مراجعهم فيما يلقون به من معلومات أو أخبار أو أقوال، بما في ذلك احتجاجهم ببعض الأحاديث التي قد يصفونها أحيانا بأنها صحيحة، وما هي كذلك . لذلك ؛ فإنني باعتباري مهتما بموضوع المناظرة ...، وبموضوع الإعجاز العلمي في القرآن بصفة عامة؛ فإنني أرجو الشيخَ ألا يمطرنا مرة أخرى بتلك العبارات التعميمية الفضفاضة، وبتجاهل الإشارة إلى مصادره، كما فعل في مناظرته مع الدكتورة وفاء سلطان؛؛ بل أرى أن من أوجب واجباته على المسلمين ، وعلى كل من يستمع إليه، ألا يغالطهم، وأن يذكر مصادره أو مراجعه في كل ما قد يحتج به من أحاديث أو أقوال للعلماء أو المفسرين أو المحدثين، أو فيما يشير إليه من معلومات تحتاج إلى توثيق أو إلى إثباتات علمية... راجيا له كامل التوفيق ، وأن تكون المناظرة في المستوى الذي نتوقعه، في احترام متبادل بين الطرفين، دون تجهيل أو تحقير أو دغدغة لعواطف الغوغاء المستلبين، أو تحريضهم على مزيد من الكراهية والعنف)).
أظن أي قارئ محايد، ممن شاهد المناظرة، سيشعر وكأن هذه التدوينة إنما كُتبت بعدها، وليس قبلها بعشرين يوما.. فهي قد وصفت تماما منهجية الشيخ وطريقته التي اعتمدها في مناظرته، والمبنية على المغالطات، واستعمال العبارات الفضفاضة، وأساليب التعميم
المبهمة، والقفز على ذكر المصادر والمراجع، والتلاعب بالأحاديث، مع مبالغة كبيرة هذه المرة في عبارات السب والقدح والتجهيل؛
فهل هو أسلوب الفزازي الذي لا يحيد عنه، أم توقعات كاتب تحققت؟
لقد تطرقتُ في الحلقة السابقة(1) إلى ما اعتبرته أقوى حجج الشيخ في مناظرته، والمتمثلة في شتى عبارات السب والشتم والتجهيل، وذلك بناء على طغيانها على كل مداخلاته، وهيمنتها على أكثر من نصف كلامه، أو ثلثيه.
وبطبيعة الحال فإن كل مُناظر يخصص الجزء الأكبر من وقته لإبراز حججه الأقوى والأكثر إقناعا.
أما في هذه الحلقة فسوف أتطرق إلى الصنف الثاني من تلك الحجج التي اعتمدها الشيخ، والتي قال عنها بأنها مأخوذة من آخر ما انتهى إليه العلم الحديث من حقائق علمية، تتوافق تماما مع ما جاء في الحديث النبوي، حيث قال في إحدى مداخلاته بالحرف: «أن العلم الحديث... غرسوا كاميرا في الرحم تلتقط الصور على مدار الثواني والدقائق»، دون أن يقدم للمشاهدين أي معلومة عن تلك المتابعة الحثيثة، المصوِّرة لما يجري في رحم المرأة بالدقائق والثواني؛ فلا أشار إلى زمان وقوعها، ولا إلى مكانه، ولا ذكر أي اسم من أسماء أولئك العلماء الذين قاموا بها، ولا تطرق إلى شيء من النتائج التي توصلوا إليها، وأين يمكن الاطلاع عليها.. بل كان مجرد كلام عابر، أطلقه الشيخ على الهواء ومضى، مما يُظهر أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد اختلاق للإيهام بوجود دليل علمي مُشاهَد، أثبته بدقة متناهية علماءٌ أشباح مختلَقون.
أما الحجة العلمية الأخرى التي اتكأ عليها الشيخ؛ والتي يتبين من اجترارها على طول المناظرة، أنها الأقوى عنده والأشد إقناعا؛ فهي التي استقاها من أحد أساطين العلم الدكتور جمال حمدان حسنين، الذي قدمه بصفته متخصصا في علم التشريح والأجنة، حيث يقول رادا على اتهام رشيد إياه بأنه تهرب من الإجابة عن أسئلة طرحها عليه :
« أنا لم أتهرب من الإجابة، وسأجيبك بآخر ما توصلت إليه البحوث العلمية في الموضوع الذي نحن فيه، وأبدأ بدين الله العظيم المعجز، ماء الرجل وماء المرأة وتحديد جنس الولد. والحديث رواه مسلم عن ثوبان [والذي يقول فيه الرسول عليه السلام] : «مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا، فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ المَرْأَةِ ، أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللهِ ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ ، آنَثَا بِإِذْنِ اللهِ ... ». ثم يقول مخاطبا رشيد: " سوف أحدثك بكبير من المتخصصين، وهو الدكتور جمال حمدان حسنين، اختصاصي علم التشريح والأجنة، يشرح هذا الحديث شرحا رائعا... :
«إن الحديث يجعل المسؤولية عن تحديد جنس الجنين مشتركة بين الرجل والمرأة، وهذا الدكتور الذي قلت، حمدان حسنين جمال، اختصاصي في علم التشريح، وهي في تفسير حديث ثوبان رضي الله عنه، وقد قال ما نصه، اسمع: [ثم يقرأ نصا مأخوذا بالحرف من الموقع المسمى: "الطب النبوي والتداوي بالأعشاب"(2)]:
«اندماج الحيوان المنوي مع البويضة يعتمد على الخصائص الكهربية لهذه الخلايا الجنسية ، فعندما تكون البويضة سالبة الشحنة فإنها تجذب إليها الحيوان المنوي الذي يحمل شحنة
موجبة وينتج (طفل ذكر)، وبما أن الحامل للصبغي الشحنة الموجبة هي الأعلى حسب قواعد الطبيعة يكون منيُّ الرجل هو الأعلى، وبذلك يكون علو منيّ الرجل سبباً في إنجاب طفل ذكر، وهذا يطابق ما أوضحه الحديث النبوي بشكل مذهل: "فإذا اجتمعا فعلا منيُّ الرجل منيَّ المرأة: أذكرا بإذن الله". وأما إذا كانت البويضة موجبة الشحنة فإنها تجذب إليها الحيوان المنوي الحامل للصبغة(X) الذي يحمل شحنة سالبة وينتج (طفل أنثى). وهذا ما أوضحه أيضا الحديث النبوي: "وإذَا علا منيُّ المرأة منيَّ الرجل آنثا بإذن الله".
وعلى ذلك يكون هناك دور مشترك للرجل والمرأة في تحديد جنس الطفل».
والملاحظ أن الشيخ وهو ينقل من هذا الموقع حرفيا، لم يشر إلى اسمه، ولم يكن حتى أمينا في نقله منه، لأن الموقع ختم كلامه بعبارة: "انتهى والله أعلم"، وهي عبارة تفيد عدم الجزم بما قيل، بينما قدم الشيخ ذلك الكلام بصيغة تفيد الجزم والقطع، وبأنه هو الحقيقة العلمية التي تمثل آخر ما انتهى إليه العلم الحديث؛؛ ولا شك انه كاذب في هذا.
كما أن هذا الكلام جاء في الموقع بتوقيع السيد محمد فائز الدرة الحسيني، في حين أن الشيخ أطلقه دون عزو .
والواقع أنني أستغرب لشيخ مزدوج اللغة، يستطيع أن يستفتي أصح المراجع العلمية باللغة الفرنسية، ثم نجده يترك كل تلك المراجع والمصادر العلمية الموثوقة ظِهْريا، ويلتجئ إلى هذه المواقع المشبوهة التي تراكم الهراء، فيتبنى كلامها ويحتج به، باعتباره يفسر ما في الحديث النبوي من إعجاز علمي !!
إنني أكاد أجزم بأن الشيخ الفزازي نفسه غير مقتنع بما كان يقرأه من ذلك الموقع، ولا مستسيغ لتلك التخاريف الجوفاء. فهو أعلم من غيره أنه لا يوجد في العالم كله أي عالِم بيولوجي، أو طبيب مختص في علم الأجنة، يقول بأن المرأة تفرز مَنِيّا، وأتحداه أن ياتيني ببحث رصين، غير عربي، وردت فيه عبارة "منيّ المرأة" (sperme de femme)!
إن الاسم الذي يطلق بالفرنسية والشيخ أستاذ فيها على السائل الذي تفرزه المرأة عند الجماع، هو (cyprine) ، وتعريفه في ويكيبيديا التي يستقي منها الشيخ معلوماته : La cyprine est le liquide sécrété à l'entrée du vagin de la femme lorsqu'elle est en état d'excitation sexuelle.
ومعلوم أن المصطلح في أي علم من العلوم، يجب أن يكون له نفس التحديد بالنسبة لكل مجالات استعماله، يعني ألا يطلق إلا على الشيء الذي تكون له نفس المواصفات والعناصر أو المكونات؛ فإذا اختلفت أسماء المسميات، فذلك يعني وجود اختلاف في مكوناتها أو عناصرها.
ولذلك نجد في اللغات الأجنبية اسما يطلق على مني الرجل، واسما آخر يطلق على السائل الذي تفرزه المرأة؛ إلا في الحديث النبوي، حيث نجده يسميهما معا بالمَنِيّ.
فهل تدخُل الحيواناتُ المنوية ضمن مكونات (منيّ المرأة) كما هو الشأن بالنسبة لمني الرجل؟
أليست تلك الحيوانات المنوية هي التي على أساسها سُمي المني منيا، لأنها أهم شيء في تكوينه وتركيبته؟
هذا وجه الاعتراض الأول على كلام الدكتور جمال حمدان حسنين، الذي استشهد به الشيخ.
أما الوجه الثاني ، فأنا أترك للشيخ أن يضمره في نفسه، بعد قراءته لهذا السؤال:
متى سمعت يا شيخ أو قرأت بأن بويضة المرأة يمكن أن تكون موجبة الشحنة، ويمكن أن تكون سالبة الشحنة؟
هل أصبحت بويضة المرأة بطارية فيها السالب والموجب؟
إنه سيكون من الجنون أن نناقش هذا الكلام الذي تعب الشيخ في قراءته وهو يضغط على الكلمات والحروف، وكأنه يريد أن يوهم الناس بأنه يفهم ما يقرأ، بينما هو يقرأ شيئا لا معنى له، أو شيئا يتعارض مع أبسط المعارف الطبية في علم الأجنة. ومع ذلك أجدني مضطرا لتقديم بعض المعلومات العلمية البسيطة في هذا المجال، حتى لا تبقى تلك الترهات تعبث بعقول بعض الأميين والبسطاء من الناس الذين يصدقون الشيوخ الدعاة تصديقا أعمى، ويعتقدون أن ما يقولونه هو الحق اليقين؛ مع أننا لو سألنا تلميذة في المستوى الإعدادي، في أي دولة من الدول التي تحرص على تلقين أبنائها العلم الصحيح، وليس الدجل والهراء، وقلنا لها:
"هل يمكن أن تكون بويضة المرأة مرة موجبة ومرة سالبة؟"،
لأسمعت أولئك الشيوخ ما يجعل ذلك الحديث (المعجز) يسقط في أيديهم بنصه وبشرحه الذي تمحّله له الدكتور المتخصص في علم التشريح والأجنة جمال حمدان حسنين. وعلى هذا الأساس أقول ناصحا ومحذرا:
احذر يا شيخ ، واحذروا أيها الناس، من أمثال هؤلاء الدكاترة المرتزقة، ولا تصدقوا كل ما تقرؤونه في تلك المواقع المشبوهة، المسخرة لنشر الدجل والخرافة،، فليس هناك أي عالم حقيقي، أو طبيب في العصر الحاضر يقول بأن للمرأة دورا ما في تحديد جنس الطفل؛ لأن المسؤول الوحيد عن ذلك هو الرجل الذي يقذف الحيوان المنوي الذي يتحول إلى جنين، بعد عدد من التشكلات داخل الرحم، والتي أصبحت معروفة بأيامها وأسابيعها لأي طالب في كلية الطب.
أما المرأة فيقتصر دورها على إفراز بويضة في كل دورة شهرية، تحمل دائما الصبغي XX، فتحتضن الحُوين الذي يسبق إلى اختراقها، والذي إما أن يكون حاملا في تركيبته
الوراثية أو ما يسمى علميا بالكروموسوم 23 للصبغي XX، فيكون الجنين أنثى ، أو للصبغي XY ، فيكون ذكرا بإذن الله.
هذا كل ما في الأمر يا شيخ، بدون تمحُّل، ولا هرطقة، ولا علا يعلو، ولا سفُل يسفل، فهذا كله هراء وجهل أصبح من مخلفات الماضي، وأصبح كل من لا يزال يعتقد به أضحوكةً في العالم، ويُنظَر إليه كأعجوبة من أعاجيب الزمان.
فكفاكم من جعْلنا على مدى التاريخ أمة تضحك من جهلها الأمم.
وهنا أعود إلى عنوان الحلقة، لأذكر بالعبارة المعروفة لدى الفقهاء والمناطقة والأصوليين ورجال القانون، والتي تقول بأن "ما بني على باطل، فهو باطل" .
إذ المفاجأة الصادمة والمنكَرَة في مناظرة الشيخ الفزازي هذه، والتي تقطع الشكَّ باليقين من كون هؤلاء الشيوخ ما هم إلا جماعة من الضالين المضلين، العابثين بالعلم وبالدين، فهي التي تتمثل في فضح حقيقة ذلك العالم الكبير المتخصص في علم الأجنة والتشريح، الدكتور جمال حمدان حسنين، والذي كان تحليله وشرحه للحديث النبوي يمثل آخر ما توصل إليه العلم المعاصر، وتبناه شيوخ العصر ودعاته، وهللوا له، وسبحوا باسمه بكرة وأصيلا؛
هذا الدكتور ما هو في الواقع إلا شخصية وهمية.. شخصية مختلقة..شخصية لا وجود لها ، لا فوق الأرض ولا تحتها.
إنه شخصية اختلقها الشيوخ على عادتهم في اختلاق الشخصيات والعلماء والدكاترة الوهميين ليلبِّسوا بهم على الناس، ويُدَلسوا في العلم بأسمائهم، فاختلقوا شخصا وهميا أطلقوا عليه "الدكتور جمال حمدان حسنين" ، وجعلوه متخصصا في علم التشريح والأجنة، ونسبوا له ذلك الكلام الهراء، ليضفوا عليه صفة الحقيقة العلمية الموثقة، معتقدين أنهم بذلك سينقذون الحديث (النبوي) من ورطته وبدائيته، ومن دلالته اللفظية المعبرة عن جهل فظيع بأهون المعارف في تحديد جنس الجنين، فكانت النتيجة كارثة عليهم، مسيئة إلى الإسلام ونبيه عليه السلام، حيث زادوا طينة ذلك الحديث بِلّة، وغَلَوْا به في الجهالة النكراء، وقطعوا كل خيط يمكن أن يربطه بأوهي بصيص من العلم الصحيح، فأحرى أن يكون معجزا، وفسروه بكلام مطلسَم كأنه جدول من جداول المشعوذين، أو تميمة من تمائم الدجالين، لم تلبث أن تناقلته مختلف المواقع التافهة التي وُضِعت أصلا للتدجيل والتضليل، ونشر الهرطقة والخرافة في الدول العربية والإسلامية، مما يعتبر عِلميا وأخلاقيا وحتى دينيا عملا خبيثا دنيئا، لأنهم ضحوا فيه بالعلم النافع الصحيح، وداسوا على أبسط المعارف التي لم يعد يختلف فيها اثنان؛ ليوهموا الناس بأن كلام النبي فيه إعجاز علمي لم تتوصل البشرية إلى اكتشافه إلا بعد أربعة عشر قرنا من إخبار النبي به، وقد كان خليقا بهم أن يتعاملوا مع هذا الحديث وغيره بطريقة أخرى غير الكذب والتزييف والتضليل، سوف آتي على ذكرها إن شاء الله.
إنني أتحدى الشيخ محمد الفزازي أن يثبت للناس وجود هذا الدكتور الوهمي المسمى جمال حمدان حسنين، فيأتي بأوجز تعريف له، أو يسمي أي كتاب أو مقال نشره، أو يحدد في أي جامعة يشتغل، أو إلى أي هيئة طبية أو علمية ينتمي..
ولكنهم يكيدون، ويكيد الله. فباطل هؤلاء الشيوخ، لم يتركهم يذهبون بسلام؛ بل أخذ بعضه يضرب بعضا، وبعضه ينسف قول بعض، وهكذا، وبتعدد تلك المواقع الإسلامية المشبوهة،
وبإشراف مشايخ مختلفي المشارب والاتجاهات عليها، وبتسابقها إلى استقطاب أكبر نسبة من الأتباع الغوغاء، فقد أصبح كل موقع يختلق دكتوره الذي سوف يشرح له هذا الحديث أو ذاك، ويبرز ما فيه من إعجاز، بطريقة مخالفة لشرح دكتور المواقع الأخرى، فتعدد الدكاترة والمتخصصون في هذا العلم المزيف، وتعددت التفسيرات الدجلية، حتى لم يعد المرء يستطيع التمييز بين غثها وأغثها، وقبيحها وأقبحها.. مما أصبح دليل إثبات قاطع على أن هذه المواقع الضالة التافهة لا علاقة لها بعلم ولا بعلماء.
فمن جملة المواقع التي جاءت بكلام معارض لما ساقه موقع "الطب النبوي والتداوي بالأعشاب"، موقعُ "فيض القلم"، الذي اختلق بدوره دكتورا أكثر تضلعا في العلم، وأبعد غورا من الدكتور جمال حمدان حسنين، لأنه يحمل لقبين علميين كبيرين، وليس لقبا واحدا؛ إنه الدكتور البروفيسور سعد حافظ ، الذي قدم تفسيرا آخر للحديث المذكور، يختلف كلية عن تفسير جمال حمدان حسنين. جاء في هذا الموقع وأنا أنقل كلامه بعلاته وأخطائه" للأمانة العلمية :
« وقد عكف الدكتور البرفسور سعد حافظ على دراسه العلاقه بين ماء الرجل وماء الانثى عشر سنوات مستخدما ميكرسكوب الكتروني وكمبيوتر فأخبر انه وصل الى النتيجه التي جاء بها الحديث ، وقال : إنها حقيقه صحيحه مائه بالمائه !!!! :
"ماء الرجل قلويAlkaline وماء المرأه حمضيAcidic ، فإذا التقى المائين وغلب ماء المرأه ماء الرجل كان الوسط حامضيا فتضعف حركه الحيوانات المنويه التي تحمل خصائص الذكوره وتنجح الحيوانات المنويه التي تحمل خصائص الانوثه في تلقيح البويضه فيكون المولود انثى والعكس صحيح"»(3).
وهكذا يتضح كيف أن كلام دكتورِ موقعِ "فيض القلم" يختلف تماما عن كلام دكتورِ الفزازي وموقعِ "الطب النبوي"، حيث لم يشر البروفيسور سعد الحافظ إطلاقا لا إلى شحنة سالبة ولا إلى شحنة موجبة، ولا إلى خصائص كهربية؛ وإنما عزا تحديد جنس الجنين إلى الماء القلوي والماء الحمضي وتأثير كل منهما على الحيوان المنوي.
مع ملاحظة غياب الحديث فيهما معا عن أي علو لهذا الماء على ذاك أو العكس.
فهَلاّ تشعرون بالذنب ووخز الضمير أيها الشيوخ المدلسون، وأنتم تضللون الناس، وتجعلونهم يتيهون بين الخرافات والهرطقات والترهات، بحثا عن حقيقة علمية تنفعهم وتغني معارفهم، فتوهمونهم بأن مكان تواجدها هو كلام الله وحديث رسوله، لأنه الحق المطلق، والعلم الثابت، وأن أي ارتياب في أي منهما يوقع صاحبه في الكفر الصراح والشرك البواح، وتدسّون عنهم عنوة وتضليلا، الحقيقة التي تعرفونها حق المعرفة؛ وهي
أن مكان وجود الحقائق العلمية والطبية، هو المراجع العلمية الرصينة، التي خطها علماء حقيقيون لا العلماء المزيفون والمختلقون والتي بنوها على أبحاث ودراسات جادة، أو تجارب ومشاهدات دقيقة، لم يكن لها من غاية إلا الوصول إلى المعرفة الصحيحة، والكشف عن أسرار هذا الكون المذهل، التي أودعها الخالق عز وجل في بديع صنعه؛ من أدق مخلوقاته إلى أضخمها حجما..
فهل العلم عندك يا شيخ هو أن تحتج في مناظرة يشاهدها العالم كله، بأسماء وهمية لا وجود لها، وبكلام لا يقول به مجنون، لتوهم الناس بإعجاز كاذب مفترى؟
هل تظن انك خدمت الحديث النبوي بهذا الباطل/المهزلة التي يسخر من مضمونها أبسط تلميذ في الإعدادي؟
أم هل تظن أنك شرفت العلم والعلماء، بلجوئك إلى هذا الأسلوب من الاختلاق والتضليل؟
أم هل تراك أحسنت صنعا بالتدجيل والمغالطة، وقراءة كلام مطلسَم لا معنى له للتهويل على البسطاء السذج، وكسب عواطفهم ودغدغة مشاعرهم الدينية؟
لقد ضاع العلم الحقيقي، وانكفأ العلماء الجهابذة الأقحاح ، وتصَدّر لتعليم الناس وإرشادهم أكوامٌ من المتنطعين والوصوليين الأشباح، ممن لا ضمير لهم ولا أخلاق، جعلوا من الدجل والشعوذة وسيلة للشهرة والاغتناء، ومن التزييف والجور سبيلا للاستمتاع والانتفاع:
إني أرى خطباءَ الحق قد خَرِسوا ... وكمْ خطيبٍ بقول الجور ينتفعُ.
الهوامش
1) هذا رابطه :
https://www.akhbarona.com/writers/222891.html
2) هذا رابطه : https://www.facebook.com/571781912987534/photos/a.572049049627487.1073741829.571781912987534/582092485289810/?type=3
وقد أشار الأخ رشيد في فيديو أذاعه بعد المناظرة، إلى موقع آخر نقل منه الشيخ حرفيا كلاما آخر، ساقه من بين حججه المختلطة المضطربة.