تزايدت في الآونة الأخيرة الرسائل والأبحاث العلمية في كليات الطب المغربية التي تناقش باللغة العربية، على الرغم من أن اللغة المعتادة في تلك الكليات هي الفرنسية، وقد احتضنت كلية الطب في الرباط قبل أيام واحدة من هذه المناقشات التي حضرها جمهور غفير. ودافع الطبيب عدنان العلوي الإسماعيلي عن اختيار اللغة العربية لكتابة رسالته للدكتوراه، والتي تحمل عنوان "الطب المجتمعي والصحة العمومية"، وقال إنه يأمل في أن يشكل هذا الحدث قيمة مضافة في مسار تعريب المنظومة التعليمية في البلاد.
وقال الإسماعيلي -الذي حصل بعد المناقشة على تقدير مشرف جدا (جيد جدا)- إن تدريس العلوم باللغة الأجنبية ليس شرطا للتفوق، مشيرا إلى أن الدول المتقدمة تدرس العلوم بلغاتها الوطنية.
كفاءة الطبيب
وأضاف أثناء تقديمه لرسالته أن اعتماد الفرنسية في التدريس والتعلم "يؤثر على كفاءة الطبيب وتحصيله، كما يؤثر لاحقا على تواصله مع المرضى الذي يتحدثون بلغتهم الأم (العربية)، وأيضا يؤثر على تواصله مع الأطباء في العالم حيث تسود الإنجليزية -لا الفرنسية- كلغة عالمية للعلوم".
وشدد المتحدث على أنه لا مبرر للاستمرار في التدريس باللغة الأجنبية، خاصة أن المصطلحات العلمية في التخصص لا تتجاوز 3%، بينما الباقي عبارة عن لغة للتواصل والشرح.
وقال بعض أعضاء لجنة مناقشة رسالة الإسماعيلي إنهم يحضرون لأول مرة مناقشة رسالة دكتوراه في كلية الطب باللغة العربية، وهو الأمر ذاته الذي أكده طلاب وأطباء حضروا المناقشة.
وقال أستاذ الأمراض الصدرية المشرف على الأطروحة جمال الدين بورقادي إنه بالرغم من قلة رسائل الدكتوراه التي أنجزت بالعربية في كليات الطب، فإن الطلبة بدؤوا يستحسنون هذه الرسائل وخلاصاتها، إذ يفهمون مضمونها بشكل أسهل وأحسن وأسرع.
تدريس العلوم
وأضاف بورقادي "نرى أن تدريس العلوم بصفة عامة والعلوم الصحية بصفة خاصة يجب أن يكون باللغة الوطنية، لأنها ستسهل على الطالب الفهم والاستيعاب، دون أن ننسى الانفتاح على اللغات التي لها وزن عالمي، وحاليا هي اللغة الإنجليزية وليست الفرنسية".
وردا على سؤال لوكالة الأناضول عن مدى تقبل الأوساط الجامعية لهذا التحول نحو التدريس وإنجاز أطروحات بالعربية، قال الأستاذ بكلية الطب إن من الطبيعي أن تكون هناك مقاومة لهذا التغيير، لكن الأمر يمكن أن يحقق تطورا بالتدريج، مشيرا إلى أن الأيام القليلة القادمة ستشهد مناقشة أطروحة أخرى باللغة العربية.
وعلق رئيس جامعة محمد السادس لعلوم الصحة بالدار البيضاء شكيب النجاري على رسالة دكتوراه الإسماعيلي بالقول "هناك زمن ما قبل هذه الرسالة وزمن ما بعدها، على الأقل في الموضوع الذي نوقشت فيه"، وأضاف أن "الأطروحة أقامت الحجة على الأساتذة حتى لا يتعلل أحد بعدم وجود مقررات للتدريس بالعربية".
كما دعا النجاري إلى إتاحة الموضوع المقدم كمقرر دراسي لاعتماده في التدريس، باعتباره عملا نوعيا وإضافة لمقررات تدريس الطب في الجامعات المغربية.
واللغة الفرنسية هي اللغة الأساسية في التدريس داخل المعاهد وكليات العلوم والطب في المغرب، لكن تقديم الأطروحات الطبية بالعربية بدأ يعرف تزايدا في السنوات الأخيرة، وذلك بالتزامن مع دعوات كثيرة من منظمات مدنية إلى تعريب التعليم في الجامعة.