تعتبر مناسبة تخليد ذكرى عيد العرش المجيد من أهم المناسبات الوطنية التي تعزز روابط البيعة الوثقى، والتلاحم المتين بين العرش والشعب، ويعتبر الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة الذكرى 17، من أهم الخطابات وأبرزها، حيث افتتح جلالته خطابه السامي بإيمانه التام بالمسؤولية الملقاة على عاتقه أمام الله وأمام الشعب المغربي قاطبة، من خلال قيادته الميمونة، وإرادته العازمة على مواصلة العمل من أجل تحقيق تطلعات الشعب المشروعة، وتكريس دولة الحق والقانون، من خلال الإصلاحات السياسية العميقة والأوراش الاقتصادية الكبرى و مشاريع للتنمية البشرية التي غيرت وجه المغرب. كما ذكر جلالته أننا على مشارف المرحلة الفاصلة لإعادة الأمور إلى نصابها، وأننا مقبلين على ثاني استحقاقات تشريعية في ظل دستور 2011، والتي تعتبر محطة مهمة بطلها المواطن، حيث اعتبره جلالة الملك هو الأهم في العملية الانتخابية وليس الأحزاب والمرشحين، وهو مصدر السلطة التي يفوضها لهم، وله أيضا سلطة محاسبتهم أو تغييرهم، بناء على ما قدموه خلال مدة انتدابهم. وبالتالي، ما يمكن أن نستشفه من خلال هذه الفقرات، أن تدبير السياسات العمومية في ظل الحكومة الحالية يعاني العديد من الاختلالات، وعلى المواطن الناخب أن يحسن اختيار منتخبيه حتى ترجع الأمور إلى نصابها، كما أن الأحزاب السياسية مطالبة بتقديم مرشحين أكفاء ويتمتعون بروح المسؤولية والحرص على خدمة المواطن. كما وجه جلالته دعوة صريحة لجميع الأحزاب السياسية دون استثناء، بقوله: "كفى من الركوب على الوطن، لتصفية حسابات شخصية، أو لتحقيق أغراض حزبية ضيقة"، كما اعتبر أن المفهوم الجديد للسلطة يعني المساءلة والمحاسبة، التي تتم عبر آليات الضبط والمراقبة، وتطبيق القانون، وبالنسبة للمنتخبين فإن ذلك يتم أيضا، عن طريق الانتخاب، وكسب ثقة المواطنين، كما اعتبر أن الجميع مطالب بالخوض في معركة محاربة الفساد، دولة ومجتمع. لينتقل بعد ذلك، إلى محور مهم وأساسي في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد، والمتمثل في الاستثمارات الأجنبية المتعددة والتي سيستفيد منها المغرب في شتى المجالات الحيوية، والتي تبرز من خلالها ثقة المستثمر في صرف الملايين على مشاريعه ببلادنا، لأنها تعرف وتقدر الأمن والاستقرار، الذي ننعم به، والآفاق المفتوحة أمام استثماراتها. كما نوه جلالته بالمجهودات الجبارة التي تقوم بها الإدارة الأمنية بمختلف أجهزتها، والتي تميز عملها بالفعالية في استباق وإفشال المحاولات الإرهابية، التي تحاول يائسة ترويع المواطنين، والمس بالأمن والنظام العام، رغم الظروف الصعبة التي يعمل فيها نساء ورجال الأمن، بسبب قلة الإمكانات، حيث وجه دعوة صريحة للحكومة لتمكين الإدارة الأمنية، من الموارد البشرية والمادية اللازمتين لأداء مهامها على الوجه المطلوب. كما أكد صاحب الجلالة على ضرورة التنسيق بين المصالح الأمنية، الداخلية والخارجية، ومع القوات المسلحة الملكية، بكل مكوناتها، ومع المواطنين، فالكل مسؤول عندما يتعلق الأمر بقضايا الوطن. فالمغرب يعد شريكا فعالا في محاربة الإرهاب، سواء في ما يتعلق بالتعاون الأمني، مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة، أو من خلال نموذجه المتميز في تدبير الشأن الديني، وهو ما أهله ليتقاسم مع هولندا، الرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب. كما أن المغرب انخرط بقوة، في الجهود الدولية لمواجهة التغيرات المناخية، لالتزامه بالعمل على تنفيذ اتفاق باريس، ومواصلة دعم الدول النامية بإفريقيا والدول الجزرية الصغيرة، التي تعتبر المتضرر الأكبر من تداعيات التغير المناخي. فمن خلال ما سبق يمكن القول، أن جميع مكونات الدولة، أفراد وجماعات، مؤسسات وشعب، ملزمون بأداء واجبهم في خدمة الوطن، ملزمون بالدفاع عن الوحدة الترابية، فالكل خادم الدولة وعليه الحزم في صيانتها وحمايتها، وعلى المواطن في المحطة الانتخابية المقبلة ألا ينجرف في تيار المساومة، بل عليه تحكيم ضميره في عملية التصويت، وأن يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. وأختم قولي بتقديم ما يليق بمقامكم الشريف من الطاعة والإجلال والوفاء وتقديم آيات ولائي وإخلاصي وتعلقي بأهداب العرش العلوي المجيد، راجيا من الله جل وعلا أن يحفظكم بعينه التي لا تنام، وأن يقر عينكم بولي عهدكم المحبوب مولاي الحسن والأسرة الملكية وان يديم عليكم نعمة الصحة والعافية وأن يحقق على يديكم الكريمتين، كل ما تصبو إليه هذه الأمة من تقدم ورفاهية وازدهار، انه سميع مجيب وبالاستجابة جدير.