أعادت عبارة "جوج فرانك" الشارع المغربي إلى نقاش قديم جديد يتعلق ب"تقاعدات البرلمانيين والوزراء"، ومدى أحقيتهم به من عدمها. فالعديد من المناضلين السياسيين والحقوقيين يطالبون منذ سنوات بإعادة النظر في التعويضات المخصصة كتقاعد للنواب والمستشارين وكذا للوزراء السابقين. مطلب تبنته في الآونة الأخيرة فئات جديدة، وبات يحصد شعبية غير مسبوقة خصوصا في البرلمان الأزرق (الفايسبوك). الغاضبون شرعوا في توقيع عرائض، وتكوين مجموعات منظمة في مواقع التواصل الإجتماعي. وللإقتراب أكثر من الموضوع يكفي أن نعلم أن عضو مجلس النواب أو المستشارين (والبالغ عددهم في الولاية الحالية فقط 515 عضوا) يتقاضى معاشًا بقيمة 5 ألاف درهم إذا أكمل ولايته التشريعية الأولى وبمجرد مغادرته لقبة المجلس، مبلغ يمكن أن يتضاعف ويصل إلى 15 ألف درهما كسقف بإعتماد قاعدة عدد الولايات التي قضاها كنائب أو مستشار... الوزراء بدورهم يستفيدون مما يسمى تكملة معاش، يمكنهم من مبلغ يرفع مداخيلهم بمجرد مغادرة منصب وزير إلى 39 ألف درهم أو جوج فرنك على حد تعبير معالي الوزيرة، وهو مبلغ يتوصل ذوو حقوقه بنصفه في حال وفاته. كثيرون ممن إنتصبوا مدافعين عن أحقية نوابنا لأسباب نعلمها وتعلمونها جميعا في معاشاتهم، بدعوى أنها إجبارية، وأن المعنيين يدفعون مبلغا يقارب 2900 درهم شهريا لصندوق التقاعد، ليشرعوا في تلقى التعويضات بمجرد مغادرة المجلس ولسنوات طويلة جدا (متناسين لوهلة خطاب العجز في صناديق التقاعد الذي تتبناه الحكومة لإجبار الموظفين على العمل لسنوات وباقتطاعات أكثر، وبتعويضات أقل...) وبالرجوع للتجربة الفرنسية في هذا المجال، نجد أن تعويضات النواب الخاصة بالتقاعد مشروطة ببلوغ سنه، وبكونها دون الحد الأدنى للأجر بهذا البلد الديمقراطي. عبد العالي الرامي ناشط في حملة رفض تقاعد الوزراء والبرلمانيين قال في تصريح صحفي لسي إن إن: "إذا كانت رئاسة الحكومة تتبجح بإصلاح منظومة التقاعد وتجفيف كل منابع الريع السياسي بشتى الطرق التي كانت على حساب القدرة الشرائية للمواطن، فلم لا يتم التركيز على معاشات أفراد انتدبهم الشعب لخدمة المصالح العامة للبلد لفترة محددة؟" كنا ننتظر من نخبنا السياسية التنازل عن هذه التعويضات، لكن على العكس، وجدناهم يصوّبون كل سهامهم للإبقاء عليها؟". أما الأكاديمي أمين السعيد الباحث في القانون الدستوري فقد أشار للموقع ذاته إلى أن الظهير الخاص بمعاشات الوزراء، الصادر عام 1975، غير منشور في الجريدة الرسمية، بمعنى "أنه من الناحية القانونية، معاشات الوزاراء غير قانونية لأن أيّ ظهير يستلزم هذا النشر كي يحدث أثرًا، أما من الناحية السياسية، ففي ظل حكومة ترفع شعار الشفافية، لا يوجد أي تقرير رسمي يقدم لنا الأرقام الحقيقية لعدد الوزراء أو عائلاهم التي تستفيد من المعاش". رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام، محمد المسكاوي وفي حديث للعربي الجديد الصادرة من لندن أكد أن "المعاشات الخاصة بالوزراء والبرلمانيين تعتبر من الريع في المغرب، ويجب أن يُتخذ قرار شجاع بإلغائها، خاصة في بلد فقير كالمغرب". نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الإشتراكي الموحد إعتبرت تقاضي الوزراء والبرلمانيين تقاعدا من باب الريع السياسي، ودعت إلى إلغائه. فالوزراء والنواب حسب منيب مرشحون لمهمة معينة ويتقاضون عليها أجرا ما داموا يقومون بها، ويمكن أن تخلق بتلك المعاشات مناصب شغل كثيرة للمعطلين.