استفلحت ظاهرة الشغب في الملاعب المغربية بشكل خطير في السنوات الاخيرة ، و بدل أن نتحدث اليوم عن كرة القدم التي من المفروض أن تكون رياضة و مصدر ترفيه للمواطنين ، أصبحت أداة لخلق الفتنة بين شباب هذا الوطن و التسبب في مآسي و مشاكل لأسرهم و ذويهم . مجريات الامور تظهر أن السلطات الأمنية المغربية في السنوات الاخيرة لوحت باجراءات من قبيل احداث خلايا أمنية ترافق الأولتراس في تنقلاتهم و منع تنقل بعض الفصائل ك "حلالة بويز" لتطوان و "سيمبري بالوما" و "لوس ماتادوريس" لطنجة و القنيطرة، و كذا اعتقال المتسبيين في أحداث الشغب و احالتهم على العدالة . من جهتها لم تتوانى جامعة كرة القدم في انزال عقوبة "الويكلو" أو اللعب بدون جمهور على أكثر من فريق في السنوات الاخيرة ، فضلا عن غرامات مالية كما حدث مع اتحاد طنجة و الرجاء و حاليا الوداد ، هذا اضافة لبلاغات تحمل التهديد و الوعيد لكل من تسبب في أعمال الشغب . لكن الحلول الزجرية ظهر بالملموس أنها غير مجدية ، و حتى التحاور مع الاولتراس لم يعطي نتيجة، لأن أصل المشكل هو انتشار الفكر المتعصب و نزعة الصراع القبلي في عقول عدد كبير من المشجعين المنتمين للأولتراس ، فكيف يكون حل اللجوء الى الحوار و الاجتماعات مجديا مع شبان يتباهون للاسف برفع شعارات اجرامية تحرض على العنف والاجرام في الملاعب ، شبان عراة في المدرجات في حالة غير طبيعية جراء تعاطيهم لمختلف أنواع المخدرات . و اذا قارنا بين ما يفعله المسؤولون المغاربة و ما فعلته عدة دول لمحاربة الشغب ، نجد أنهم تعاملوا مع الظاهرة بشكل واقعي و فعال فمثلا في اسبانيا، ألزم رئيس المجلس الأعلى للرياضة الأندية الإسبانية بإبعاد جماعات الألتراس عن ملاعبها، و اعتبارها جماعات تقودها أفكار أيديولوجية وسياسية لا علاقة لها بكرة القدم، و ذلك عقب وفاة مشجع لديبورتيفو كورونيا خلال اشتباكات وقعت في مدريد خلال دجنبر 2014. في نفس السنة أي 2014 ، حظرت الحكومة الأرجنتينية حضور جماهير الفرق الزائرة في جميع مباريات دوري الدرجة الأولى العام الماضي سعيا للتصدي لمشكلة عنف الملاعب. و خلال فبراير من السنة الجارية، أعلن نائب وزير الرياضة اليوناني ايقاف دوري كرة القدم لأجل غير مسمى من أجل اتخاذ الاجراءات الساعية للقضاء على العنف في الملاعب، بعد الأحداث الخطيرة التي وقعت في دربي باناثينايكوس وأوليمبياكوس. و لعل ما شاهدناه في الديربي البيضاوي 119 الاحد الماضي من اعتداءات خطيرة على رجال الأمن و مس بسلامة و أمن المواطنين ، كاف لتتحرك الحكومة المغربية و الأجهزة الأمنية بجدية أكبر و واقعية من أجل اصدار قرارات استثنائية لاستئصال المشكل من جذوره ، بدل اجراءات و خطوات وقتية لامتصاص انتقادات الرأي العام الوطني. أي معالجة غير استئصالية لظاهرة الشغب في الملاعب الوطنية ستكون مجرد مسكنات لتهدئة العداوات و الحروب الطاحنة التي أصبح المشهد الكروي الوطني مسرحا لها بين أولتراس أكثر من مدينة مغربية ، و ستدفعنا لطرح عدة تساؤلات أبرزها هل نحن في المغرب نتوفر فعلا على ارادة حقيقية لمحاربة الشغب كما فعلت دول أخرى؟ .. و اذا كانت هناك علاقة و اجتماعات بين العقول المدبرة للأولتراس المغربية و الاجهزة الأمنية، لماذا فشلت هذه الاخيرة في احتوائها و مراقبتها ؟ .. و أخيرا و هو سؤال متعلق بشغب الديربي الاخير ، ان كنا نحمل الاولتراس مسؤولية الشغب وهو أمر واقع ، فمن يحاسب الاجهزة الأمنية على تقصيرها في مراقبة مضامين التيفوات التي أشعلت الفتنة بين الجماهير الودادية و الرجاوية ، و كذا دخول أزيد من 60 ألف متفرج للملعب مع العلم أن اللجنة المنظمة طبعت 45 ألف تذكرة فقط ؟؟؟