كيف وصل جيل اليوم إلى هذا المستوى المنحط و التخلي عن المفاهيم الصحيحة للدين ، و انحرافه نحو الميوعة أو التطرف،ثم أصبحت له الجرأة على الاستهتار بمحارم الله ، فسب الدّين على لسان الكبير و الصغير والرجل و المرأة ، وجعلوا التعدي على أعراض الناس كانوا مسلمين أو غير مسلمين تسلية ، ووصل بهم الحال تصويره بهاتفهم النقال ثم يضعونه على الانترنت تباهيا و تسلية ؟ هذا الجيل يعاني من فراغ ثقافي و علمي وعملي ؛ يجعله يسير بلا هدف، ويعيش بلا قصد، و ليس له طموح ليصل به إلى غاية منشودة . ثم إن هذا الفراغ جعل من عقول شبابنا و بناتنا سطحية الميول يقتنع بأي شيء يشبع رغباته، ويحقق نزواته ، كالتطرف والإرهاب والغلو إذا مال هواه إلى التدين دون قدوة أو الانحلال الأخلاقي والفحشاء و الإلحاد إذا مال به الهوى إلى المتعة والفجور و الوصول إلى الغنى بدون مجهود ، أغلب الشباب يقضي أعظم الأوقات أمام شاشة الحاسوب و يلتهم كل شيء ، فسهولة جمع المعلومة كانت فاسدة أو إرهابية أو جنسية يغذي بها نفسه و يحسبها تعلم واستفادة . فمثل هؤلاء أغلبهم لا يجدون الموجه الواعظ ، والمربي الخبير ، و الناصح الأمين ،أو على أقل تقدير من يحدد لهم وقت استعمال الانترنيت أو وقت الخروج من البيت أو الدخول إليه ، خاصة بناتنا صرن الجنس الغالب في الشوارع ، و شكلهن لا يرضي الله ولا رسوله هيئة ولا لباسا ، أما تأخرهن بين الزقاق و الشوارع يصل إلى منتصف الليل و يزيد ، أليس في بيوتهن رجل رشيد ؟ هو التمرد إذا على كل مفاهيم الحياة الفاضلة ، هو التمرد على المجتمع الذي يعيش فيه ، هو الاستخفاف بالواجبات و الانبطاح للرغبات ، فما فيلم " الزين اللي فيك " إلاّ دليل على الاستهجان بالعقول و دفعها نحو الرذيلة . فصاحب الفيلم و أقوام من بني جلدتنا مثله ميولهم للغرب المنحل أخلاقيا فات الحدود ، ينشرون أفكاراً تخريبية، يدعون إلى إفطار رمضان علنا ، يدعون إلى الزّنا بطرق ملتوية ، كطلبهم بحق الإجهاض ، فهم في الواقع يختزلون الحضارة في اتباع الغرب المادي ، ويختصرون الثقافة في ثقافة العُري والانحلال الأخلاقي ، دون النظر إلى قيم المجتمع المسلم و احترام أغلبية المغاربة المحافظين على دينهم و معتقداتهم ، فنجد من يقول أنه مسلم و يتكلم لغة القرآن و يدافع عن الإسلام ، إنما مفهوم الإسلام عنده هو ذاك الذي يجمع بين الصلاة وشرب الخمر أو الزنا ، والزكاة و القمار، هو إشهار الإفطار في رمضان نهارا ، هو الذهاب إلى أداء فريضة الحج بمال المخدرات أو الربا و النهب . ثم أن العقول الفتية الخاوية هي أداة استقبال نشيطة تلتقط كل ما يحيط بها أو يصلها من غيرها بسرعة فائقة ، فتجد من الأفكار الدخيلة و الهدامة ما يتناسب مع شهواتها ، فأصبحت تتبناها و ترى فيها الإسلام المنفتح على العصر " الإسلام العصري " ، إسلام بدون التزام ولا أخلاق ولا رادع ، بعد الشهادتين افعل ما شئت ، إسلام إن لم تستحي فاصنع ما شئت. فكن داعشي التفكير أو منحل الأخلاق أو منكرا لوجود الله أو صاحب الشهوات والشبهات فهذه هي السمة الغالبة، أما العمل بتعاليم الدّين التي يدعو إليها علماء الوسطية والاعتدال و الأخلاق الحميدة و حسن المعاملة بين الناس سموها رجعية ،فيا له من حكم سبقهم إليه مَن قبلهم ، تشابهت قلوبهم وإن اختلفت عصورهم ، قا ل تعالى {{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ }} صدق الله العظيم . سورة الأحقاف