يحضر مسيرات الاحتجاج ويشارك في الاشتباكات التي تجمع الثوار بقوات محاربة الشغب الكلاب حظوظ.. تختلف مصائرها وتتبدل أحوالها في لمح البصر من كلاب «جرباء» تقتات من المزابل يمارس عليها بعض الساديين جميع أنواع الرفس والركل، إلى كلاب تعيش في النعيم وترفل في الحرير وتستطعم ألذ أنواع اللحوم وأشهاها، بل هناك كلاب يخلد اسمها التاريخ ويحتفظ ببطولاتها ويجعل منها أسطورة من أساطير الدنيا. جميعنا يذكر قصة الكلب المغربي الذي «تبناه» نجم هوليوود «أورلوندو بلوم» بعد أن عثر عليه متشردا في أزقة ورزازات أثناء تصوير فيلم «مملكة الجنة» للمخرج ريدلي سكوت. فأصر بلوم على نقل الكلب الأجرب من أزقة ورزازات المتربة، إلى شوارع هوليوود الراقية واختار له من الأسماء «سيدي» ربما عملا بالمقولة المصرية «إن كان لك عند الكلب حاجة قولو يا سيدي» ! فغدا الكلب، ابن الكلب من أشهر الحيوانات في العالم (سبحان مبدل الأحوال). في الولاياتالمتحدة ينشغل الأمريكيون بكلب رئيسهم حتى الهوس، إذ اشتهرت على مر التاريخ كلاب الرؤساء وارتبط اسمها باسم صاحبها، فبوش الابن، مثلا، اصطحب معه ثلاثة من كلابه وقطة، وبيل كلينتون كان له كلب شهيرة يدعى «بادي»، وكان للرئيس ذي الكاريزما الواسعة «جون فيتجيرالد كيندي» حصان صغير أو»بوني»، بل أكثر من هذا، فقد ذهب الرئيس الثالث والثلاثين للولايات المتحدة «هاري ترومان» إلى القول، «إذا كنت تريد صديقا في واشنطن فاصطحب معك كلبا»، لأن ذلك سيكون الحل الوحيد أمام الوافد الجديد، لأن الثقة المنعدمة يمكن أن تجدها في الحيوان ولن تجدها قط في الإنسان». أما باراك أوباما فله كلب صغير أسود اسمه «بو» شغل الدنيا ودوخ وسائل الإعلام. في اليونان، يسرق الأضواء هذه الأيام، كلب من طينة أخرى، إنه زعيم سياسي وثائر من الثوار الكبار سيخلد اسمه التاريخ إلى جانب شي غيفارا ووائل غنيم ومحمد البوعزيزي. الكلب الثائر الذي يدعى كانيلوس، واسمه الحقيقي هو «لوكانيكوس» أي «سجق» أو «صوسيس» باليونانية، حاضر في جميع المظاهرات وكل مسيرات الاحتجاج في اليونان، بل إنه يشارك في الاشتباكات التي تجمع الثوار برجال الأمن وقوات محاربة الشغب، إذ يلاحق رجال الأمن المدججين بالأسلحة والدروع، بالنباح مشهرا مخالبه وأنيابه الحادة. واهتمت وسائل الإعلام كثيرا بحالة كانيلوس وأفردت له شبكة «بي بي سي» ووكالة رويترز حيزا هاما، ونقلت إلى العالم قصة الكلب التائه الذي تحول إلى إيقونة للثورة اليونانية. من جهتها، نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية مجموعة من الصور للكلب الشهير وهو ينبح في وجه قوات مكافحة الشغب، ثم يعود إلى صفوف المحتجين كلما هرول بعيدا عنهم خوفا من التعرض للضرب وللقنابل المسيلة للدموع والغازات. وللكلب الأثيني، الذي يتميز بوعي سياسي حاد، صفحة على «فيسبوك» تضم أكثر من 50 ألف صديق، ومقاطع فيديو تخلد المساهمات النضالية الكلبية. أضف إلى ذلك صفحة خاصة في الموسوعة الالكترونية الشهيرة «ويكيبيديا». هكذا هي سنة 2011، حبلى بالمتناقضات.. صنعت من الكلاب رموزا للثورة والحرية والانعتاق، ورمت برجال رموزا للاستبداد في مزبلة التاريخ.