أظهرت دراسة حول "تقييم وتوسيع الضمان الاجتماعي لفائدة العاملين المغاربة المقيمين في الخارج" أن العديد من اتفاقيات الضمان الاجتماعي التي وقعها المغرب مع عدة بلدان لفائدة هذه الجالية تبقى غير مفعلة، بحيث أن فئات واسعة من هذه الجالية لا تستفيد من الحقوق التي تضمنها هذه الاتفاقيات، لاسيما جراء غياب التواصل والتحسيس، داعية إلى ابتكار حلول بديلة للنهوض بأوضاع هذه الجالية خاصة في شقها الصحي والاجتماعي والمتعلق بالتقاعد. وفي هذا الصدد، أوضحت الدراسة، التي قدمت نتائجها اليوم في لقاء حضره الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، السيد أنيس بيرو، ووزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، السيد عبد السلام الصديقي، والتي أنجزت من قبل الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة وبشراكة مع العديد من القطاعات والمؤسسات الوطنية، أن عدد الاتفاقيات المذكورة لا يتعدى 18 اتفاقية، 14 منها فقط مطبقة، لافتة إلى أن الجالية المغربية المقيمة بالخارج، والتي يفوق عددها خمسة ملايين نسمة، موزعة على أكثر من 80 بلدا. وأضافت الدراسة أنه يتم حاليا مراجعة الاتفاقية الثنائية التي تجمع المغرب بتونس في هذا الشأن، وأن المفاوضات جارية لإبرام اتفاقيات مماثلة مع كل من تركيا واليونان وبلغاريا والنرويج، مسجلة، بالمقابل غياب اتفاقية تجمع المغرب ببلدان، من قبيل إيطاليا والمملكة المتحدة وبلدان الخليج وإفريقيا جنوب الصحراء والولايات المتحدة. كما أبرزت الدراسة محدودية لجوء المغاربة المقيمين في الخارج إلى الخدمات التي تخولها هذه الاتفاقيات، لاسيما جراء غياب التواصل المؤسساتي ببلدان الاستقبال، مشيرة، على سبيل التوضيح، إلى أن العديد من الجمعيات وأفراد الجالية المغربية الذين تم استجوابهم بهذا الخصوص يجهلون وجود مثل هذه الاتفاقيات، علاوة على ضعف التواصل القائم بين مختلف الفاعلين المؤسساتيين المعنيين. ودعت الدراسة إلى تدارك الاختلالات التي تطال منظومة الضمان الاجتماعي لفائدة الجالية المغربية المقيمة في الخارج، لاسيما من خلال وضع تصور وآليات تتماشى والحلول المقترحة التي تستهدف كل شريحة من هذه الجالية وتوفير الظروف الملائمة التي تتيح لكل مهاجر وذويه الاستفادة من الحقوق التي تكفلها مختلف الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف والدولية. ودعت الدراسة في نفس الإطار إلى بلورة حلول بديلة وتكميلية للاتفاقيات الثنائية، من قبيل إحداث نظام خاص بالجالية المغربية المقيمة بالخارج ووضع مخطط مستمر للتواصل مع الجالية واعتماد اتفاقيات متعددة الأطراف مع الاتحاد الأوربي ومجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي. وكان السيد بيرو قد أكد في مستهل هذا اللقاء أن انتشار وتطور التركيبة الديمغرافية للجالية المغربية المقيمة في الخارج أفرز انشغالات وتطلعات مشروعة تستوجب من كل الفاعلين المعنيين بهذه الجالية إيلاءها الاهتمام اللازم، مبرزا "الحرص والعطف" الذي ما فتئ يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذه الجالية. كما أوضح الوزير أن هذه الدراسة تروم بالأساس الوقوف على السبل الكفيلة بالنهوض بأوضاع هذه الجالية، وإجراء تقييم موضوعي يكون بمثابة خارطة طريق يعكس العلاقة الثقافية والحضارية المتميزة التي تربط هذه الجالية بوطنها الأم. بدوره، شدد السيد الصديقي في كلمة بالمناسبة على أن المغرب دخل، في إطار الإستراتيجية الوطنية الجديدة لفائدة المغاربة المقيمين في الخارج، والتي اعتمدها المغرب طبقا لتوجهات ملكية سامية، "ورشا حضاريا كبيرا" للارتقاء بأوضاع هذه الجالية وفق مقاربة تشاركية، لاسيما من خلال الرفع من عدد الاتفاقيات التي تعنى بالضمان الاجتماعي. يشار إلى أن اللجنة المشرفة على إنجاز هذه الدراسة تتكون من الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، ووزارات الشؤون الخارجية والتعاون، والاقتصاد والمالية، والتشغيل والشؤون الاجتماعية، فضلا عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.