إن رضى الرحمن ودخول الجنان هو غاية ما يتمناه المؤمن في الحياة الدنيا ، فإذا خرج من الدنيا وقد فاز برضوان الله فليبشر بعد ذلك بالخير كله فإن فى الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت وما لم يخطر على قلب بشر ،ومن أحسن ما تشتهيه الأنفس في الآخرة للرجال نساء الجنة وهن الحور العين وللنساء ما يقابله من النعيم . وصف الحور العين فى القرآن والسنة : فقد جاء وصف الحور العين فى القرآن فى أكثر من أية وذلك فى قوله تعالى { ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون }..[البقرة: 25] والمطهرة هي التي طهرت من كل مكروه، وكل أذى يكون من نساء الدنيا، وطهر مع ذلك باطنها من الأخلاق السيئة والصفات المذمومة، وطهر لسانها من الفحش والبذاء، وطهر طرفها من أن تطمح به إلى غير زوجها، وطهرت أثوابها من أن يعرض لها دنس ،قال عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (مطهرة ): لا يحضن ولا يحدثن، ولا يتنخمن. وقال تعالى أيضاً فى كتابه العزيز { كذلك وزوجناهم بحورعين }..[الدخان: 54 ] والحور جمع حَوراء، وهي المرأة الشابة الحسناء الجميلة البيضاء شديدة سواد العين. وقال تعالى: { فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان. كأنهن الياقوت والمرجان}..[الرحمن :58] قال الإمام ابن القيم والمفسرون كلهم على أن معنى الاية أنهم قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يطمحن إلى غيرهم ومعنى { لم يطمثهن } لم يمسسهن ولم يجامعهن أحد فهن أبكار وأما قوله { كأنهن الياقوت والمرجان } فقد قال الحسن وعامة المفسرين أراد صفاء الياقوت في بياض المرجان، شبههن في صفاء اللون وبياضه بالياقوت والمرجان نقله ابن القيم عنهم. كما قال الله في وصف نساء الجنة { إنا أنشأناهن إنشاءً فجعلناهن أبكاراً عرباً أتراباً لأصحاب اليمين }..[الواقعة: 35] قال ابن أَبِي حاتم ذكرَ عَنْ سَهْل بْن عُثْمَان الْعَسْكَرِيّ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيّ عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه " عُرُبًا " - قَالَ - كَلَامهنَّ عَرَبِيّ " وَقَوْله " أَتْرَابًا" قَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس يَعْنِي فِي سِنّ وَاحِدَة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سَنَة. وآحاديث أخرى فى تفسير الآية {عرباً أتراباً} هن الحسناوات المتحببات إلى أزواجهن فجمع سبحانه وتعالى بين حسن صورتها وحسن عشرتها وهذا غاية ما يطلب من النساء وبه تكمل لذة الرجل بهن. وقوله {أترابا} أي مستويات على سن واحد ثلاث وثلاثين سنة. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحور العين عن البخاري ومسلم رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحاً، ولأضاءت ما بينهما، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها" وقد وصف الله أهل الجنة بأنهم في شغل، قال تعالى { إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون. هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون. لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون} [يس :57]، قال ابن مسعود رضي الله عنه: شغلهم افتضاض العذارى . عدد زوجات المسلم من الحور العين فى الجنة: فقد ثبت في السنة الصحيحة أن لكل رجل في الجنة زوجتين من الحور العين، ومنهم من يزوج بسبعين من الحور العين وهم الشهداء، ففي مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين، على كل واحدة سبعون حُلة يُرى مخ ساقها من وراء الثياب". وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أدنى أهل الجنة منزلة رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة…" الحديث. وفيه "ثم يدخل بيته فتدخل عليه زوجتاه من الحور العين، فتقولان: الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك". وأما الشهيد فقد جاء في ثوابه ما رواه الترمذي من حديث المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه". ومن الأعمال التي يكافأ صاحبها بالزواج من الحور العين: كظم الغيظ ففي سنن الترمذي "من كظم غيظاً وهو يقدر على أن ينفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره في أي الحور شاء".