كوم – رشيد.م – التصوير للزميل محمد خالدي. بدعوة من رابطة الكتاب الشباب بالريف، وضمن سلسلة من الأنشطة التي سطرتها برسم سنة 2016، حل الزميل عبد المنعم شوقي ضيفا على ندوة نظمتها الرابطة تحت عنوان " الإعلام والثقافة… مسار ورهانات " بقاعة دار الأم نهاية الأسبوع الأخير، وأشرف على تسييرها الشاعر المقتدر والفاعل الجمعوي السيد عبد الواحد خمخم، وبمشاركة كل من السادة عيسى الداودي، عبد المنعم شوقي وحياة البوستاتي. بعد افتتاح أشغال الندوة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، ثم تقديم كلمة الترحيب من طرف الزميل محمد خالدي رئيس الرابطة والتي ضمنها طموحات هذه الأخيرة في توسيع دائرة أنشطتها الثقافية، قدم الأستاذ عبد الواحد خمخم ورقة تقديمية لمحاور الندوة. الزميل عبد المنعم شوقي تناول موضوع "الإعلام المحلي منذ أول ظهور للصدى إلى يومنا، المسار والإكراهات"، حيث أشار في مستهل عرضه إلى التجربة المتميزة لجريدة الصدى التي تعتبر أول جريدة ليس بإقليم الناظور، بل في المنطقة الشرقية ككل ،وجاءت مباشرة بعد أحداث 84 الدامية، وبعد استعراض المراحل والأشواط التي قطعتها عملية التهييئ لإصدار هذا المولود الإعلامي، أوضح الزميل شوقي بأن صفحات هذه الجريدة كانت مفتوحة للجميع، للطاقات الخلاقة والمبدعة في الأفراد والجماعات، للهيئات النقابية وللمنظمات الاجتماعية، ولكل الأحزاب السياسية المغربية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، وبهذه الطريقة العملية – يضيف الزميل عبد المنعم شوقي – واصلنا مشوارنا الإعلامي لأن إيماننا كان وما يزال قويا بأن الوطن فوق الألوان وفوق التعصب. ولتأكيد كلامه، قدم الزميل شوقي نسخة من عدد خاص من جريدة الصدى خصص لمهرجان الأغنية الشعبية الناجح الذي نظمته شبيبة التقدم والاشتراكية في السنوات الأولى من إصدار – الصدى -، ثم قدم أيضا شهادة أدلت بها جريدة الاتحاد الاشتراكي في حق الزميل عبد المنعم شوقي ومطابع الصدى، وتخص أساسا إشراف هذه الأخيرة على عملية طبع بيان لإضراب عام سنة 1991 دعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وكان إدريس البصري قد أعطى تعليماته للعمال بمنع طبع أي بيان أو منشور من هذا القبيل. واستحضر الزميل شوقي من ناحية أخرى، تجربة إصدار جريدة بالإسبانية بشراكة مع أحد الصحفيين الإسبان بمليلية المحتلة وتسمى " صدى مليلية " كانت تدافع عن مغربية مدننا المحتلةسبتة ومليلية، وشكلت ضربة قوية للقوى الاستعمارية بمليلية، وهي الجريدة التي كان يشرف على إخراجها الفني الزميل محمد أوسار، وكانت توزع منها كميات مهمة داخل المدينةالمحتلة. وأثناء تطرقه للإعلام بصفة عامة، أكد الزميل عبد المنعم شوقي، بأنه لا يمكن أن نعتبر بلدا ما، أو مجتمعا ما، قد أخذ طريقه الصحيح في التنمية، إذا لم يكن يواكب ذلك وبشيء مكثف، إعلام جاد، أو ما سماه الدكتور المهدي المنجرة رحمة الله عليه بالإعلام المنتج، مضيفا بأن " التخلف ليس إلا نتيجة العجز عن ابتكار إعلام منتج ". وأضاف الزميل عبد المنعم، بأن فشل المراهنة على التنمية الجهوية ببلادنا في السنوات الماضية، ناتج أساسا عن انعدام إعلام محلي جاد ومنتج خلال الفترة السابقة، فترة الرهان على الجماعات المحلية، لو واكب هذه التجربة إعلام قوي لنجحت التجربة على المستوى المحلي، وتساءل الزميل شوقي عن أسباب المراهنة على صحافة محلية وجهوية فعالة؟ ليخلص إلى القول بأن المراهنة على الدور الفعال للصحافة المحلية والجهوية تقتضي من الجميع الأخذ بعين الاعتبار استنفاذ الصحافة الوطنية لدورها في نقل الأخبار الجهوية والمحلية، ثم ظهور جرائد ومواقع إخبارية من طراز جديد. وفي نفس السياق أكد الزميل شوقي، بأنه إذا كانت الجهة تحتاج إلى إدارة قوية وقادرة على التطور والعطاء لضمان التنمية، فإنها كذلك تحتاج إلى إعلام جهوي للتعريف بمؤهلاتها ومبادراتها، ملحا على ضرورة إحداث تلفزيونات جهوية تواكب المشروع الذي انخرط في المغرب حديثا والمرتبط بإرساء جهوية متقدمة. وأضاف بأن الإعلام المحلي والجهوي، هو بمثابة مرآة تعكس ما يجري ويدور من خبايا الأمور، بكل تجرد وحيادية، في إطار تداول حر للمعلومات ووسائل الأخبار، لأنه لا يعقل أمام ما يشهده قطاع الاتصال من متغيرات أن يعتمد الإعلام المحلي على المعلومات المستقاة من المركز، وهذا وضع لا يساعد على تطوير الإعلام المحلي والجهوي الذي من المفروض أن يتفاعل مع محيطه. مسألة الضوابط الإعلامية كانت حاضرة ضمن العرض الذي قدمه الزميل شوقي، حيث أشار إلى أن هناك ضوابط واجبة لتملك الإعلامي أو المؤسسة الإعلامية هذه الصفة الحميدة، ومنها: – الوعي بطبيعة المجرى التاريخي للظاهرة الإعلامية. – القدرة على التمييز بين الأزمة الإعلامية. – امتلاك المعرفة العلمية والبيداغوجية بلغة التراسل الإعلامي. – وهناك في نفس الوقت – يقول شوقي – السقوط الأخلاقي الإعلامي، ولهذا أسباب متعددة، منها ما له علاقة بسلطة المال، وأيضا سلطة السياسة، وكذلك سلطة الإيديولوجية. وفي ختام عرضه أكد الزميل شوقي على حاجتنا لإعلام يقترب من قضايا وانشغالات وهموم المواطنين، وهو الشيء الذي تترجمه إلى الواقع اليوم، عدد من المواقع الإخبارية الإلكترونية منوها بمجهوداتها وبتضحيات الشباب العامل بها. الأستاذ عيسى الداودي عالج موضوع الحراك الثقافي في الألفية الثالثة، وتوقف خلال عرضه القيم لعدد من الإكراهات التي تواجه المشهد الثقافي، حيث أكد استحالة الحديث عن أي نشاط ثقافي بدون وجود بنيات ثقافية. وسرد الأستاذ الداودي أسماء عدد من الأعلام والكتاب والشعراء والقاصين والمخرجين والمثقفين الذين يعتبرون بالإقليم فاعلين ومساهمين في الشأن الثقافي للسير به إلى الأمام، مؤكدا الدور الإيجابي للنخبة المثقفة بالناظور، على اعتبار أنها العنصر الأساس للأنشطة الثقافية. وبعد أن أشار الأستاذ عيسى الداودي إلى الخصوصيات الثقافية لمدينة الناظور، استحضر البعد الأمازيغي في المسألة الثقافية بالإقليم، ثم عالج موضوع غياب مجالات ثقافية، مع الدعوة إلى ضرورة إنشاء إذاعة محلية، ومتحف خاص بالمدينة، وأيضا صيانة المآثر التاريخية بالإقليم، مع المطالبة بمراجعة نقدية للمنح التي تسلم للجمعيات على مستوى تحديد المعايير. وكان الأستاذ عيسى الداودي موفقا في نقل صورة ولو مصغرة عن المشهد الثقافي بالناظور. أما الدكتورة حياة بوستاتي، وبجرأة عالية لامست العلاقة العضوية بين الإعلامي والمثقف، وعلاقة الإعلام بالتنمية الثقافية وكيفية تطويرها. ولاحظت الدكتورة حياة، بأن الصوت الثقافي – مع الأسف – أصبح صوتا مبحوحا بالمقارنة مع الصوت السياسي والصوت الرياضي…الخ. وبعد توقفها بالشرح والتفصيل عند عدد من الإكراهات التي تواجه المثقف، دعت إلى ضرورة عقد اتفاقات شراكات بين المجتمع المدني والثقافة. ومباشرة بعد تقديم العروض الثلاثة وتتبعها باهتمام من لدن الحضور، فتح باب النقاش حيث ساهم عدد من الأساتذة والشعراء والكتاب والقاصين والزملاء الإعلاميين من الجنسين، في إغناء العروض بإضافاتهم، منوهين بالأجواء التي مرت فيها الندوة، شاكرين عليها رابطة الكتاب الشباب بالريف، وداعين إلى الاستمرار في ترجمة مثل هذه المبادرات إلى أرض الواقع على اعتبار أن هذا يخدم الثقافة من مختلف جوانبها. وبدوره ألقى الزميل محمد خالدي رئيس الرابطة المنظمة لهذه الندوة الناجحة، كلمة في ختام أشغالها، حيى جميع الأساتذة على عروضهم الشيقة، وكل المساهمين في مناقشتها في أجواء تغلبت فيها مصلحة الثقافة على كل شيء، واعدا الجميع بالمزيد من المبادرات من هذا النوع. وفي الختام، سلمت شواهد تقديرية للأستاذين عبد المنعم شوقي قيدوم الصحفيين بالمنطقة، وعيسى الداودي الفاعل النشيط، والدكتورة حياة البوستاتي المساهمة بشكل دائم في عدد من الأنشطة الثقافية بالمنطقة.