جاء إلى المغرب بالذات لأنه يعلم أن هواية المغاربة الأولى هي «الحريك» إلى الخارج أو الهجرة إليه بأوراق رسمية إن أمكن.. وقال لهم النصاب بوجه أحمر من طماطم رمضان: «هذا ممكن»، ووعدهم بالهجرة إلى أستراليا للتقافز مع أسراب «الكانغرو»، وأخذ منهم من 7 آالف إلى 15 ألف درهم، وكانوا 1200 رجل وامرأة من حملة الجنسية المغربية قصيرة الحائط.. لقد وقع 1200 جيب "وجَيْبَة" لعملية نصب وضم وكسر وسكون فاحتيال من طرف متهم عراقي عرف أن «أكتاف المغاربة» تؤكل من «عضلة الحلم بالهجرة».. وهو يعلم أنه في يوم من الأيام سيقع في أيدي الشرطة ليخلص «النْصاف» القضائي بعد أن «يُصَرِّفوا» له كل الأموال التي حصدها سجنا داخل زنزانة.. وإن شئنا الإنصاف فإن مليارا و200 مليون من أموال الضحايا تستحق المغامرة ببضع سنوات خلف القضبان قبل الخروج إلى المطار مباشرة، وعلى أول طائرة إلى بنوك سويسرا أو أمريكا أو أي قنت آخر للتمتع إلى أرذل العمر بما جناه هذا الرجل من عرق جبين المغاربة.. هل نحن مغفلون حتى نقع ضحايا لحيل ذكية من شركات وهمية كل مرة؟ جوابي هو لا.. لسنا مغفلين.. ولكننا مساكين حقا، فقط شريطة أن نكون فقراء ودهماء وغوغاء وبقية من مزاليط وصعاليك تعساء.. ويكفي الواحد منا أن يكون أباه «خمّاسا» عند الدولة، بعد أن انقضت عهود «الخماسة» عند الإقطاع، لكي يكون حشرة سمينة تغري بالفعص والرفس والقنص والحبس، لأننا من أجل هذا خلقنا يا سادة.. نذهب إلى المدرسة فلا نتعلم الجودة، وتُحْشى أدمغتنا ببسكويت ثقافي لا يزحزحنا عن سبل الجهل قيد أنملة.. ثم نعود إلى البيت فنجد قمعا منزليا أليفا تمثاله «الأبُ الصخرة»، وروحه ذلك الاحترام الواجب والمفترى عليه، وبعبع التربية الحسنة، وسياسات «العصا لمن يعصى».. ثم نخرج إلى الشارع فنجد الشرطي والمقدم والقائد و«البركاك» و«السائق» و«المنافق» و«الكذاب» و«النصاب» ثم «المخادع الأفاق»، وكل ذي رذيلة لا تصوم عن أذية الآخرين... محاصرون نحن في مغربنا.. لا نريد إلا خبزا وشغلا وعدلا وتعليما وكرامة مصانة.. ومادام كل نصابي الدنيا يعلمون هذا فمن حق آخرهم تكالبا علينا أن يستغل ضعفنا هذا إزاء «الحياة» ورغبتنا الشديدة الأكيدة في الاستمرار على قيدها، ومن حقك أيها العراقي أن تنصب علينا، وأنت تعلم أن خبز المغاربة، إن لم يتوفر في الأوطان، اشتهيناه داخل بطون «الكانغرو»، وتحت أقدام رجال ثلوج أوربا، وعلى متن جمال الخليج ونوقها وبعيرها ومعتمري أصفارها الحبيبة الموضوعة على أدمغة اشتهرت بأنها تعود حصريا إلى ملكية العرب، أو حتى نكون غذاء لذيذا في بطون قرش متوسطي صار يعلم ألا سبيل إلى الجوع أسفل مضيق جبل طارق لأن شعب «المورو» "ينفق" هناك بالآلاف كل سنة.. ولا أعتقد أنه من اللائق توجيه اللوم إلى سمك القرش على قسوته وعدم بحثه أولا عن الأسباب التي تدفع شعبا بأكمله إلى الانتحار كل يوم من أجل مجرد لقمة عيش..