وكأن أبزيكا محمد لم يمت، وكأنه حي يرزق بلحمه وشحمه وأعماله، ذلك هو الشعور الذي ينتابك وأنت حاضر ذكراه الاربعينية بأيت ملول والمنظمة من طرف مركز مدينتي للتكوين والإعلام وجمعية أمل تمرسيط بدعم من المجلس البلدي لأيت ملول يوم الأحد 13 أبريل الجاري. لقد كانت ذكرى انبعثت فيها روح الفقيد عبر شهادات أصدقائه ومعارفه وطلبته ومحبيه كما ينبعث طائر العنقاء من رماده بألوانه المتلألئة، شهادات غزيرة غزارة عطاء الراحل، عبر إلقاءات شعرية ووصلات فنية وكلمات اعتراف كان أبرزها اعتراف مجموعة إزنزارن بفضل الراحل ابزيكا عليها في اختياراتها الفنية، شهادات أعادت رسم ملامح إنسان لازالت غصة الظلم الذي طاله عالقة في حلق أفراد عائلته ومحبيه، غصَّة لم يبددها سوى دفئ الإعتراف والحب الذي أبداه مؤبنوا فقيد أيت ملول والوطن. فمن لم يعاصر محمد أبزيكا بالأمس اكتشف اليوم أن الأمر يتعلق بهرم كبير هُدّ بنيانه ونجما مشعا قد أفل، أو أريد له الأفول (…)، ففي كل الشهادات المقدمة كان الإتفاق على تميز هذا الشخص و إنسانيته وعلى سبقه لزمانه من خلال اهتماماته الفكرية والسياسية ودفاعه عنها بشراسة وتفان دون كلل ولاملل، إتفق الجميع ان محمد بزيكا هو شبيه الفيلسوف المتصوف أبو حيان التوحيدي والذي يلتقي معه في الذكاء المتقد والعزلة التي ضربت حوله. فأن يتم تجاهل هرم مثل هذا لكل هذه الفترة من الزمن لهو العار الذي لن يغسله غير الإستمرار في نهجه الذي خطه ودافع عنه من أجل وطن متقدم يحتضن كل أبناءه دون تمييز من خلال إحياء موروثه الفكري، وهذا فعلا ما وعد به عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الأزهر حين أعلن استعداد الجامعة لطبع أطروحة الراحل قبل أن تفاجئ طالبة سابقة لابزيكا الحاضرين باعلانها توفرها على جل محاضرات الفقيد واستعدادها للتبرع بها للقائمين على مشروع إعادة إحياء موروث الراحل والذي تم الإعلان عنه خلال الحفل. في الأخير، وإن كان احد يستحق أن يقف له الجميع تقديرا وإجلالا فلن يكون سوى السيدة عائشة الأزهري والدة الراحل والتي حملته صغيرا إلى ان كبر قبل أن يعود لأحضانها مرة أخرى عليلا لتحمله عقدين وهو في فراش المرض حتى فراقه الحياة دون تأفف ولاكلل، السيدة عائشة الأزهري أو "تاكرامت" أي الوالية الصالحة كما سماها أحد الحاضرين، تلك السيدة الصلبة، خصها مجموعة من معارف الفقيد بكلمات إجلال وامتنان لما قامت به طوال حياتها اتجاه الراحل وهي التي تبلغ من العمر عتيا. فلترقد روح محمد أبزيكا في سلام وليتغمده الله برحمته.