وضعت أغلب الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان خلافاتها وصراعاتها جانبا، وتفرغت للتعبير عن رفضها لفكرة حكومة «الإنقاذ الوطني»، وبدا لافتا في الأيام الماضية وحدة الموقف الذي عبر عنه حزبا العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار الذين لا يتلقيان عادة إلا لتبادل الإتهامات والخصومات، كما أحدثت الدعوة تقاربا بين التقدم والاشتراكية والأصالة والمعاصرة الذين وجدا نفسيهما في نفس خندق الرفض، في حين كانت حكومة الإنقاذ فرصة مواتية لمزيد من التقارب في المواقف بين الاستقلال والعدالة والتنمية. موقف حزب «المصباح»، من دعوات تشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة إنقاذ وطني تطور من تصريحات أمينه العام، إلى بلاغ للأمانة العامة، فبعدما اعتبر سعد الدين العثماني في لقاء نظمته الكتابة الجهوية لحزبه بجهة فاسمكناس مؤخرا، أن «حكومة إنقاذ وطنية لا معنى ولا مبرر لتشكيلها، لعدم وجود أزمة سياسية داخل التحالف الحكومي»، قالت قيادة الحزب في بلاغ لها عقب اجتماعها الأخير، «ترفض كل خطاب يستهدف المساس بالاختيار الديمقراطي تحت دعوى النجاعة في مواجهة تداعيات الجائحة». ولم يختلف حزب الاستقلال المعارض عن ما ذهب إليه الحزب الذي يقود الائتلاق الحكومي، حيث شكك في تلك الدعوات، ولم يستبعد أن تكون غايتها «الالتفاف على المسار الديمقراطي والتطور السياسي بالبلاد، والعودة إلى ممارسات ماضوية بائدة»، مؤكدا في بلاغ صادر عن اللجنة التنفيذية للحزب، عقب اجتماعها، عن بعد، مساء يوم الخميس 28 ماي 2020، تتشبت الحزب ب«الخيار الديمقراطي كإحدى الثوابت الدستورية التي لا يمكن المساس بها، وبالآلية الانتخابية كمحدد أساسي في تشكيل المؤسسات المنتخبة وفي تدبير الشأن العام». وقبل ذلك اعتبر الأمين العام لهذا الحزب، نزار بركة، أن المغرب يعيش «حالة وحدة وطنية» بالفعل، وقال إذا كان «الهدف منه الحفاظ على الإجماع الوطني لمواجهة الجائحة، فإننا نعيش فعلا لحظة وحدة وطنية، بعد انصهار جهود الأحزاب والمؤسسات والمجتمع في إطار «دولة وطنية» وراء جلالة الملك محمد السادس في مواجهة تداعيات جائحة فيروس كورنا، وآثارها الاجتماعية والاقتصادية». بدوره حزب التقدم والاشتراكية، أدلى بموقفه في النقاش الدائر من أكثر من أسبوعين، وفي الصدد قال نبيل بنعبد الله، الأمين العام للحزب في تصريح صحفي في تصريح صحفي «لا أعتقد أن المرحلة تستدعي تشكيل حكومة وطنية، بل ليس هناك ما يستدعي حتى طرحه»، بل أكثر من ذلك فقد اعتبر تشكيل حكومة وحدة وطنية في سياق مواجهة تفشي وباء فيروس كورونا، بأنه «مجانب للصواب ويتعارض مع تكريس البناء الديمقراطي». حزب الأصالة والمعاصرة لم يخرج عن السرب وانضم إلى لائحة الرافضين لحكومة إنفاذ وطني أو حكومة وحدة وطنية، بعد أن أكد أمينه العام عبد اللطيف وهبي، أن الوضع الحالي في المغرب «لا يحتاج إلى حل الحكومة الحالية وإقامة حكومة وحدة وطنية لإدارة أزمة وباء كورونا»، وأضاف وهبي، الذي كان يتحدث، في حوار معه نظمته مؤسسة الفقيه التطواني مؤخرا، أن الهدف حاليا هو إخراج المغرب من هذه الأزمة، وهي لا تقتضي إنشاء حكومة وطنية»، مشيراً إلى أن هناك حالياً حكومة تستمد شرعيتها من الانتخابات تقوم بوظيفتها في تنفيذ السياسات التي يحددها الملك بتوافق معه. أما حزب التجمع الوطني للأحرار فقد جاء موقفه على لسان مصطفى بايتاس، القيادي بالحزب، وعضو فريقه النيابي، بمجلس النواب، حيث قال، في مداخلة له في ندوة بشبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، منظمة من طرف الشبيبة التجمعية الأسبوع الماضي، حيث قال بأن «المغرب لا يحتاج حكومة وحدة وطنية، لأنه ليس في أزمة سياسية والمفروض أن الحكومات الوطنية تأتي في الأزمات السياسية»، وأضاف «عندنا مخرجات صناديق الاقتراع وإن كان هناك ضعف في رئاسة الحكومة يجب أن يحاسب رئيس الحكومة بصناديق الاقتراع في الإنتخابات»، قبل أن يخلص بالقول: «تشكيل حكومة وطنية أو حكومة تكنوقراط، بأنه تراجع، وأنه لا يفيد التجربة الديمقراطية ولا الحياة السياسية». وعرفت نهاية الأسبوع الماضي، تداول دعوات في وسائل التواصل الاجتماعي لتشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة وحدة وطنية لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي فرضتها جائحة كورونا، مع توجيه انتقادات لحكومة سعد الدين العثماني واتهامها بالفشل في إدارة تلك الأزمة والعجز عن تقديم الحلول لإنقاذ البلاد.