انهارت أسعار النفط الأمريكي إلى أكثر من 300 بالمئة، خلال تداولات الإثنين، وسجلت سالب 37 دولارا للبرميل عند التسوية. وتحولت العقود الآجلة للنفط الأمريكي تسليم مايو إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ مع امتلاء مستودعات تخزين الخام.. فماذا يعني ذلك؟ لعبت آلية تداول النفط في سوق العقود الآجلة دورا كبيرا في انهيار النفط الأمريكي إلى السالب للمرة الأولى في التاريخ. والعقود الآجلة تعني أنك تقوم بشراء النفط في الوقت الحالي ولكن التسليم يكون في المستقبل، فقد يكون التسليم بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر، وهذه العقود يكون لها تاريخ محدد للتداول، وينتهي التداول عليها تلقائيا بانتهاء صلاحية هذا التاريخ. وما حدث اليوم في تداولات العقود الآجلة للخام الأمريكي، هو انهيار عقود تسليم شهر مايو المقبل والتي تنتهي صلاحيتها غدًا الثلاثاء، وهو ما يعني توقف هذه العقود تلقائيا بانتهاء تداولات الثلاثاء، وبدء التداول الأربعاء على عقود شهر يونيو المقبل، بأسعار مختلفة، الأمر الذي دفع المتداولين لبيعها والتخلص منها بشكل سريع. وكانت من أهم أسباب تخلص المتداولين من عقود مايو، هي تفاقم مشكلة تخزين النفط، وامتلاء السعة التخزينية، وهو ما أدى إلى ارتفاع تكلفة التخزين بشكل لم يسبق له مثيل، وهذا يعني أن المتداول لن يستطيع تخزين النفط عند استحقاق تسليمه، أو تخزينه بأسعار خيالية. يشار إلى أن سعر تكلفة إنتاج النفط الأمريكي 48 دولارا للبرميل، ويتم تداوله في السوق عند مستويات 20 و 22 دولار للبرميل أي بأقل من نصف تكلفة إنتاجه، وهو ما يعني أن شركات إنتاج النفط الأمريكي تواجه أزمة عميقة ستكبدها خسائر غير مسبوقة. وحول تداعيات انهيار النفط الأمريكي على العالم العربي، قال المحلل المالي محمد عايش، في مقال نشره "عربي21"، إن العالم العربي وخاصة الدول المنتجة للنفط يتجه إلى أسوأ أزمة اقتصادية منذ الاستقلال، مؤكدا أن العالم العربي أمام أزمة مزدوجة تتعلق بالنفط وتتعلق بفيروس "كورونا" الذي عطل عجلة الاقتصاد بشكل شبه كامل في المنطقة العربية. وأضاف عايش: "خلال الأسابيع القليلة الماضية، اضطرت السعودية أيضا أن تقترض 7 مليارات دولار، وبالتوازي فعلت دولة الإمارات الأمر ذاته، واستدانت البحرين مليار دولار، وقررت سلطنة عُمان خفض إنفاقها العام بواقع 1.3 مليار دولار، وأعلن الأردن أنه يبحث عمن يُقرضه 640 مليون دولار.. وتبدو الكويت هي الأفضل حالاً في المنطقة العربية بسبب ادخاراتها (صندوق الأجيال) وسياساتها المالية المتحفظة". وأوضح أن دخول دول الخليج في "كساد كبير" يعني بالضرورة أن ملايين العاملين من العرب هناك سوف يعودون إلى بلدانهم لتتفاقم أزمة أخرى في عالمنا العربي وهي أزمة البطالة، مستطردا: "إذا ما أضفنا ذلك إلى أزمة كورونا فإننا سنجد أنفسنا أمام مستقبل لا نستطيع إلا أن نسأل الله فيه العفو والعافية"