لم يكد يستوعب الجسم القضائي فاجعة وفاة قاضيتين بالمجلس الأعلى للحسابات الأستاذتين القديرتين أمينة المسناوي وزكية مسرور بعد أن ابتلاهما الله بداء العصر كورونا، نسأل الله أن يتغمدهما بعفوه الكريم ورحمته الواسعة، حتى عاجلنا خبر وفاة محام شاب بهيأة مراكش الأستاذ المشمول برحمة الله عصام ايت عزي، والذي شاهدنا عبر إحدى الجرائد الإلكترونية مراسيم دفنه وفق الإجراءات الاحترازية التي فرضها داء كورونا، ونعاه بكل حسرة وألم للعدالة السيد نقيب هيأة المحامين بمراكش ذ.مولاي سليمان العمراني عبر فيديو تم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي، نسأل الله أن يلهم أسرة القضاء والمحاماة وأسر المرحومين الصبر والسلوان، ولأن المصائب لا تأتي فرادى كما يقول الشاعر المتنبي: "قد تتوالى المصائب والمحن على المرء ... فلا يصحو من مصيبة إلا والأخرى متشبثة بها !!" تلقينا في نفس الوقت خبر تأكد إصابة أحد أسود وشرفاء مهنة المحاماة، الحبيب الأستاذ حاجي المحامي بهيأة تطوان وحرمه بداء كورونا الخبيث، نسأل الله أن يشافيهما ويعافيهما عاجلا غير آجل، لأن قاعات جلسات المحاكم لا شك أنها ستشتاق لقوة وجرأة وصدق مرافعاتكم زميلي الحبيب ذ.حاجي، حيث إنه رغم اختلاف مراكزنا القانونية أحيانا في القضايا، ورغم تباين قناعاتنا القضائية أحيانا أخرى، نعترف لكم بأنكم تبقون خصما صنديدا ومحاميا شريفا لا يخاف الجهر بالحق والمسايفة بالقانون والمقارعة بالحجة والدليل.. كم أعجبتني تدوينة لكم نشرتموها على حسابكم بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، تعلنون فيها للعالم كما عهدناكم، التحدي بلسان وقلب المؤمن الراضي بقضاء الله وقدره والقوي بإيمانه وعزيمته، لما قلتم: "الآن أنا جنبا إلى جنب مع زوجتي لنتقاتل معا ضد الوحش الجبان حتى النصر".. رغم حداثة معرفتي واحتكاكي بشخصكم الكريم من خلال عدد من القضايا، أقر لكم بأنكم انتزعتم احترامي وتقديري بشهامتكم ووطنيتكم وغيرتكم على العدالة والتي يشهد لكم بها القاصي والداني، وحسبي في مواساتكم التي اعتبرها في هذه الظرفية الطارئة فرض عين على كل محب للعدالة غيور على رجال وفرسان المحاماة وقاماتها وهاماتها، أن أسوق بعضا من درر وحكم ابن القيم رحمة الله عليه، حين تحدث عن أناس وجدوا في المصائب جمالا، كما وجدوها في النعم حيث إن الكل من الله سبحانه وتعالى.. قال رحمه الله: "كل ما يصدر عن الله جميل وإذا كنا لا نرى الجمال في المصيبة، فلا بد أن نتأمل قصص موسى عليه السلام مع الخضر في سورة الكهف، ونتأمل كيف كان خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار في قرية السوء شرا محضا في نظر النبي موسى عليه السلام، وكيف ظهرت له فيما بعد عليه السلام مواطن الجمال في أفعال الله بعد معرفة الحقائق والحكم التي وراء الابتلاء: فالسفينة نجت بالخرق، وقتل الغلام كان رحمة من ربك، وتأخير رزق اليتيمين كان رحمة من ربك أيضا.." ولعل الأجمل قوله تعالى: وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ ، فسبحان الذي يخرج الخير من باطن الشرّ. أرجو لكم أستاذي ولحرمكم الشفاء العاجل، وأقول لكم طهورا إن شاء الله وعودوا إلينا سريعا لنواصل المعارك والمبارزات في ساحات القضاء ومحراب العدالة بالقانون ولفائدة الحق والعدل. محبكم وزميلكم ذ.محمد مسعودي حرر بتاريخ 27/03/2020