تعهّد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بإعادة النظر بآليات تنفيذ الأحكام القضائية في البلاد، بعدما أقدم أحد المدانين بالإرهاب، خرج من السجن بإطلاق سراح مشروط، على طعن شخصين حتى الموت وجرح ثلاثة آخرين عند جسر لندن، في اعتداء تبناه تنظيم داعش. وشارك عدد من الأشخاص كانوا موجودين في المكان في منع عثمان خان من استهداف عدد أكبر من الضحايا، قبل أن ترديه الشرطة قتيلا. وأظهرت تسجيلات مصوّرة التقطها شهود عيان وانتشرت على تويتر، مجموعة من الأشخاص يحاولون السيطرة على خان البالغ 28 عاما في الشارع، بعدما بدأ هجومه في مركز فيشمونغرز، المبنى التاريخي في الجانب الشمالي من الجسر في وسط العاصمة البريطانية. عثمان خان، مدان سابق بالإرهاب وكان خان قد خرج من السجن في كانون الأوّل 2018 بإفراج مشروط بعدما قضى نصف عقوبته البالغة 16 عاما لإدانته بالإرهاب، وكان يرتدي حزاما ناسفا مزيفا. وأكد المحققون عدم ملاحقة أي مشتبه به آخر في بالحادث. وتبنى تنظيم داعش الاعتداء عبر بيان لوكالة أعماق الدعائية التابعة له على تطبيق تلغرام، جاء فيه أن منفذ هجوم لندن هو من مقاتلي التنظيم، وقد نفّذ الهجوم استجابة لنداءات استهداف رعايا دول التحالف. ويأتي الاعتداء بعد سنتين من دهس متطرفين إسلاميين مارة على جسر لندن، ومهاجمتهم بالسكاكين أشخاصا بشكل عشوائي في سوق بورو القريب. وقتل في ذاك الاعتداء ثمانية أشخاص وجرح 48 آخرون، قبل أن تقتل الشرطة المهاجمين الذين كانوا يرتدون أحزمة ناسفة مزيفة. وأجرت الشرطة السبت عمليتي تفتيش في ستوك أون ترنت، حيث يقيم خان، وفي ستافورد في وسط إنكلترا. ويأتي الاعتداء الأخير قبل أقل من أسبوعين من موعد إجراء الانتخابات العامة في بريطانيا، وقد دفع السياسيين إلى تعليق حملاتهم الانتخابية. دعوة إلى تشديد الأحكام القضائية وفي تصريح أدلى به من موقع الاعتداء قال جونسون: "من غير المنطقي بالنسبة لنا كمجتمع أن نُخلي سبيل مدانين بجرائم إرهاب من السجن بإطلاق سراح مشروط (قبل ان يقضوا كامل عقوبتهم)". وقال جونسون الذي ترأّس في تموز حزب المحافظين: "على المدانين أن يقضوا فترات الحبس التي حكم عليهم بها"، مشيرا إلى أن حزبه يدعو إلى التشدد في تنفيذ آليات الأحكام القضائية. قصور وإخفاقات في التعامل مع ملف المشتبه به من جهته اعتبر رئيس حزب العمال جيريمي كوربن أن هناك إخفاقات في معالجة قضية خان، تطرح تساؤلات ملحّة حول مدى فاعلية عمل هيئة إطلاق السراح المشروط والنظام القضائي، وأضاف قائلا إنه ينبغي أن يجري تحقق شاملا حول أداء القضاء الجنائي بكل جوانبه. ما قبل الهجوم وبعده وبعد ساعات قليلة من كلام جونسون كشفت هوية أوّل ضحية في الاعتداء ويدعى جاك ميريت، وهو منسّق محاضرات في معهد علم الجريمة في جامعة كامبريدج، بحسب مصادر إعلامية. وكان خان يشارك الجمعة في محاضرة نظمتها جامعة كمبريدج في "فيشمونغرز هول"، حول إعادة تأهيل السجناء تحت عنوان "التعلم معا"، وهي جزء من مشروع لأكاديميين في معهد علم الجريمة في جامعة كامبريدج. وبعدما خرج خان من المركز حيث قام بعمليات طعن انتقلت المواجهة إلى خارج المبنى، حيث شوهد أشخاص يحاولون السيطرة عليه. وتفيد تقارير بأن مدانا بالقتل أُطلق سراحه سابقا وعددا من مرتكبي المخالفات كانوا في المحاضرة وشاركوا في محاصرة المعتدي. وقال المرشد السياحي ستيفي هورست الذي خرج من سيارته وهرع إلى موقع الحادث، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): "كان الجميع فوقه يحاولون تثبيته على الأرض، ورأيت أن السكين لا تزال في يده لذا ركلته على رأسه". وشارك في محاصرة المعتدي عنصر في شرطة المرور، شوهد لاحقا يبتعد عن الموقع وفي يده سكين. وقالت مفوضة شرطة لندن كرسيدا ديك خلال تفقدها موقع الاعتداء: "شهدنا في لحظة واحدة في لندن أسوأ ما في الإنسان وأفضل ما في البشرية". إعادة النظر في قضايا الإرهاب وكان خان، وهو بريطاني الجنسية، قد دخل السجن عام 2012 مع ثمانية آخرين في قضية مرتبطة بتنظيم إرهابي يستوحي فكره من تنظيم القاعدة، تآمر لتفجير أهداف بينها بورصة لندن، وحكم عليه بالحبس ثماني سنوات على الأقل. وأُدين خان بالسعي للمشاركة في "تدريبات إرهابية" في باكستان. لكن محكمة الاستئناف نقضت الحكم في نيسان، وأصدرت حكما جديدا بالحبس 21 سنة، هي 16 سنة سجنا نافذا و5 سنوات بإفراج مشروط. وعادة يتم إطلاق سراح السجناء بعد انقضاء نصف فترة العقوبة المنزلة بهم، وقد تكون احتسبت فترة التوقيف الاحتياطي التي سبقت المحاكمة. وقالت هيئة إطلاق السراح المشروط إنه لا علاقة لها بالإفراج عنه، الذي يبدو أنه حصل بشكل تلقائي وفق القانون. وأفادت صحيفة "ذا تايمز" بأن خان كان يرتدي خلال الاعتداء الطوق الإلكتروني المخصص لتعقّب مرتكبي المخالفات. وأكّد جونسون إعادة النظر بشكل طارئ بقضايا مدانين بالإرهاب أطلق سراحهم قبل أن يقضوا كامل عقوبتهم، وتابع قائلاً: "هناك عمل كبير نقوم به حاليا لضمان حماية الشعب".