بمنطق «ولو طارت معزة»، تحاول مايسمى بلجنة الحقيقة والعدالة في ملف بوعشرين، وبشكل مفضوح التعاطي مع الملف، والسعي بكل الوسائل، من أجل تبرئة المتهم من جرائمه الخطيرة عبر تسييس الملف. فبالرغم من كل الشهادات التي تقدمت بها الضحايا، وتأكيدهن عن مضمون الشرائط التي تكشف لكل صاحب ضمير حي، ماكان يمارسه المتهم من آثام في حق نساء ضعيفات. وبالرغم من عجز المتهم عن الرد على ماتضمنته شهادات الضحايا من كشف لفضاعة ممارساته، والتي لم تراعي حتى الشهر الفضيل، كما لم تراعي حتى صداقته وزمالته لزوج واحدة من ضحاياه. وبالرغم من تصريحات من رفضن التقدم بشكاية ضده، واعتبرن أن علاقتهن به كانت رضائية.. بالرغم من كل هذا، ظلت الأصوات المدافعة عن المغتصب، تتجاهل كل هذه الحقائق، وتصر إمعانا في الإنكار، على براءة المتهم، دون أن تقدم أي دليل، يكشف عن وجود مؤامرة لإخراس صاحب القلم المزعج!!! فخلال كل الجلسات السابقة، ظل الجميع يطرح سؤالا واحدا: لماذا لم يطلب الدفاع ومن ورائه من يشككون في شرائط الجنس المنسوبة لبوعشرين، عرض تلك الفيديوهات على الخبرة لتأكيد الحقيقة للعيان وإحراج النيابة العامة المتهمة بفبركتها ؟! السؤال أثير خلال مسار كل الجلسات السابقة، وكان دفاع المتهم يتهرب من الجواب عن السؤال تارة، ويرفض تقديم الطلب تارة أخرى، قبل أن يتم إحراجه عبر تقديم ملتمس للخبرة، وفي سابقة، رفض دفاع المتهم هذا الملتمس. هذا التصرف الغريب، كشفته اليوم، رسالة موجهة من منسق مايسمى بلجنة الحقيقة والعدالة في ملف بوعشرين، حين استبق صدور الخبرة، بهلوسات تسعى التشكيك في مضمونها منذ البداية. وقال منسق اللجنة في رسالته التي ضمنها مااعتبره «ملاحظات اولية على القرار التمهيدي الذي اصدره القاضي رئيس الهيئة في محاكمة الصحافي توفيق بوعشرين، رقم 945 بتاريخ 27 يونيو 2018 والقاضي بإجراء خبرة تقنية والعهد بإنجازها لدى المختبر التقني للمصلحة المركزية للشرطة القضائية للدرك الملكي بالرباط». أولى هذه الملاحظات الغريبة، تشكك في كل السلطات، حيث اعتبر أن الجهاز المعهود له باجراء الخبرة، «فهو مصلحة تابعة للشرطة القضائية التي تعمل تحت إمرة النيابة العامة. هذه الاخيرة هي طرف مدعي في الدعوى العمومية المرفوعة ضد الصحافي توفيق بوعشرين، بمعنى انها لا تتوفر على معيار الاستقلالية في هذه القضية ويؤثر على حيادية التعامل في هذه القضية»! وثاني هذه الملاحظات أن «قرار إجراء الخبرة نص على معاينة قرص صلب خارجي ومسجل فيديو رقمي دون الادلاء بكافة البيانات التعريفية لهذه الاجهزة. مما يطرح السؤال هل هي نفس الاجهزة التي قالت الفرقة الوطنية انها حجزتها في مكتب بوعشرين. وهل هي نفس الاجهزة التي عرضت أمام الدفاع بطرفيه وهيئة القضاء؟؟؟؟». وفي ثالث ملاحظة، قالت اللجنة أن « القرار اغفل عنصرا مهما من عناصر الخبرة المطلوبة وهو تحديد تواريخ تسجيل الفيديوهات موضوع الاتهام بدقة، حتى يتسنى لنا التاكد من ان المتهم كان في لحظة التسجيل مكان وقوع الجرائم المنسوبة إليه». وفي ملاحظة أخرى، قالت اللجنة أن« إغفال اهمية رفع البصمات من على الاجهزة والتاكد من مطابقتها لبصمات توفيق بوعشرين وايضا التأكد من استعمال هذه الفيديوهات من طرف حواسيب المتهم وهواتفه والمحجوزة ايضا والواردة في محضر الحجز». ومايلاحظ أن هذه اللجنة، وبعد أن سعى دفاع المتهم وبكل الوسائل لمنع القيام بالخبرة، لعلمه اليقين، أن بوعشرين هو بطل تلك الأفلام الجنسية بلامنازع، تحاول من جهتها استباق الحقيقة، بالتشكيك في مضمونها، عبر إثارة ملاحظات هامشية، كان بالإمكان أن يثيرها الدفاع منذ البداية ويحدد الضمانات التي يراها مناسبة، حتى يبعد كل الشكوك، هذا إذا كان فعلا يسعى للوصول إلى الحقيقة. لكن هذا ليس هو المطلوب بالطبع، فسياسة «ولو طارت معزة»، تكشف في الحقيقة أن من يدافعون عن جرائم بوعشرين، هم مستعدون أن يقبلوا أن تكون النساء ضحايا لنزوات مريضة، لكن هل هم مستعدون أن يقبلوا بذلك لو تعلق الأمر ببناتهم؟!