أكد وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج، أن المغرب باكتشافه لأقدم إنسان عاقل يعود إلى نحو 300 ألف سنة، قد «دخل باب عالم الآثار من بابه الواسع». هذا فيما كشف الباحث في علم الأركيلوجيا، عبد الواحد بنصر، أن «الاكتشاف خلق مفاجأة أذهلتنا نحن فريق العمل». وأضاف محمد الأعرج، الذي كان يتحدث في لقاء صحافي انعقد صباح الجمعة 8 يونيو 2017 بأكاديمية المملكة لتسليط الضوء على لقية أركيلويجية متمثلة في جمجمة إنسان، أن هذا الاكتشاف يعد «حدثا علميا عالميا في مجال التراث الأركيلوجي». ووصف محمد الأعرج الاكتشاف ب«ثورة في عالم الآثار»، وب«الاكتشاف التاريخي غير المسبوق الذي بموجبه دخل المغرب باب عالم الآثار من بابه الواسع». وزاد أنه الاكتشاف الأكبر على المستوى العالمي في ما يهم الإنسان العاقل. وقال محمد الأعرج إن الوزارة «ستعمل على تعزيز حماية الموقع بإجراءات للحفاظ عليه وتثمينه». وأشار إلى أن «هناك حراسة حاليا على هذا الموقع». وفي ذات الندوة، أوضح، الباحث عبد الواحد بنصر، عن المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، الذي قاد إلى جانب نظيره جان جاك يوبلان عن معهد ماكس بلانك للأنثربولوجيا المتطورة بألمانيا، فريق البحث المكتشف لهذه اللقية، أن «المعطيات العلمية، التي تمنحها الجمجمة التي خضعت للتحليلات المخبرية اللازمة وكانت موضوع مواد علمية تحليلية أنها حددت تاريخ وجود الإنسان العاقل بإفريقيا في مايزيد قليلا عن 300 ألف سنة، مضيفة مائة سنة للتحديد الزمني المعروف». وأضاف مشددا على أن «عملية التأريخ هو إشكال مؤرق في مجال البحث الإركيولوجي لصعوبة تحققه ». وزاد قائلا :«لقد تمكنا من العقور على تأريخ دقيق يليق ببقايا موقع جبل إوغود، وبمأثوراته. وهو التاريخ الذي تم الإعلان عنه في نشرة علمية دولية لها مصداقيتها العلمية». وأوضح الباحث أن عملية نشر مثل هذه الأبحاث، هو «هاجس لكل الباحثين وتحقق لنا مما يدل على الأهمية العلمية للاكتشاف، والذي لابد أن تكون له تبعاته العلمية». وإلى ذلك، أشار عبد الواحد بنصر، أن العمل البحثي القائم في موقع جبل إغود، «يخضع لبرنامج صارم ويتسم بالصبر والمثابرة والبحث المضني». وأوضح أنه بداية من 2004، تم تدشين جيل جديد من الأبحاث بوتيرة شهر من البحث في السنة حيث تم العثور على أولى اللقى بداية من 2007. وهي عبارة عن بقايا تخص خمسة أفراد من ضمنهم امرأة وطفل ومراهق. وأكد على أنها اللقى، التي لم تسمح بتحديد دقيق للتاريخ، الذي تعود إليه والمؤرخ ضمن العصر الحجري الوسيط. وذلك، بخلاف الجمجمة، التي سنحت بتحديد 300ألف سنة كتاريخ لوجود أول إنسان عاقل على إفريقيا. وهو الاكتشاف، الذي قال إنه خلق « مفاجأة أذهلتنا نحن فريق العمل». وقد نوه عبد الواحد بنصر بغنى وثراء موقع جبل إيغود. إذ قال إنه «كريم وزاخر باللقى مما يجعله الأغنى إفريقيا في ما يهم التوثيق الأركيولوجي، والآن بعد تحديد تاريخ الجمجمة في 300ألف سنة، أصبح الموقع يضم اللقى الأكثر قدما». وكان فريق علمي من الباحثين المغاربة والأجانب، يقودهما كل من عبد الواحد بنصر، عن المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، و جان جاك يوبلان عن معهد ماكس بلانك للأنثربولوجيا المتطورة بألمانيا، قد نجحوا في اكتشاف بقايا إنسان ينتمي لفصيلة الإنسان العاقل البدائي، مرفوقة بأدوات حجرية ومستحثات حيوانية بموقع جبل إيغود بإقليم اليوسفية (جهة مراكش - تانسيفت). وبعد إخضاع جمجمة ضمن اللقى في مختبر ألماني، تم تحديد تاريخها بحوالي 300 ألف سنة ، وذلك بواسطة التقنية الإشعاعية لتحديد العمر. وهو ما يجعل هذه العظام هي أقدم بقايا لفصيلة الإنسان العاقل المكتشفة إلى حدود الوقت الراهن على المستوى الإفريقي والعالمي، إذ يفوق عمرها عمر أقدم إنسان عاقل تم اكتشافه إلى الآن بحوالي 100 ألف سنة. وكان شكل الاكتشاف موضوع مقالتين علميتين يتضمنهما عدد 8 يونيو الجاري من مجلة "ناتشر" (طبيعة). وقد عُرف موقع إيغود منذ الستينيات من القرن الماضي، إذ تم العثور فيه على بقايا إنسان وأدوات تعود إلى العصر الحجري الوسيط غير أن القراءة الأولية لهذه اللقى ظلت محل لبس لسنوات بسبب عدم دقة عمرها الجيولوجي. وبفضل الحفريات الأخيرة، التي تمت مباشرتها منذ سنة 2004، فإن البقايا الجديدة التي تم اكتشافها وتأريخها تجعل من موقع جيل إيغود أقدم وأغنى موقع يرجع للعصر الحجري الوسيط بإفريقيا، والذي يوثق للمراحل الأولى لتطور الإنسان العاقل. علما أن أقدم بقايا معروفة لأقدم إنسان عاقل قد اكتشفت في موقع إثيوبي يعرف باسم "أومو كبيش"، وتعود إلى نحو 195 ألف سنة. وتصدر الاكتشاف المغربي، الذي أُعلن عنه مؤخرا، عناوين المجلات والصحف العالمية، كما لقي الاهتمام الكبير من قبل الباحثين الدوليين.