لم تتردد النيابة العامة بمراكش، في الاستجابة لدعوات بعض الفعاليات التي طالبت بالكشف عن أسباب نزول أبنية عشوائية، والكيفية التي استفاد من خلالها المتورطون برخص الربط المذكورة، ومن تم إعطاء التعليمات للدرك الملكي للتحقيق. لا تكاد تهدأ عواصف فوضى البناء وتناسل العشوائيات بجماعة تاسلطانت بضواحي مراكش، حتى تعود لتخيم على أجواء المنطقة وتحاصر العديد من الأطراف والجهات المسؤولة. فمرة أخرى، تهب على المنطقة رياح تحقيق قضائي، عهد لعناصر المركز القضائي للدرك الملكي اتخاذ الترتيبات لإجرائه، قصد الكشف عن مجمل الظروف والملابسات المحيطة باستنبات ركام من الأبنية والمحلات التجارية ظهرت فجأة من العدم وتمت تغطيتها وحمايتها بمختلف التجهيزات وشهادات الربط بشبكة الماء والإنارة. النيابة العامة باستئنافية مراكش لم تتردد في الاستجابة لدعوات بعض الفعاليات الحقوقية التي تقدمت بشكاية تطالب من خلالها بالكشف عن أسباب نزول كل هذه الأبنية والكيفية التي استفاد من خلالها المتورطون برخص الربط المذكورة، ومن تم إعطاء التعليمات صارمة لعناصر المركز القضائي للدرك الملكي بإجراء معاينة، والقيام بعملية بحث وتحري لاستجلاء تفاصيل «القضية» في أفق إسقاط الأقنعة عن وجوه كافة الجهات المتورطة. استهلت التحريات بالاستماع لإفادة رئيس الجماعة وممثلي السلطات المحلية وأعوانهم، بناء على ما ورد بشكاية الهيئات الحقوقية التي قامت بتوثيق هذه الاقترافات عبر صور فوتوغرافية، ما أشر على استمرار ظاهرة البناء العشوائي والتطاول على أراضي الدولة بعموم النفوذ الترابي للجماعة. وكانت الجماعة المذكورة قد عاشت على إيقاع فضائح مماثلة خلال السنة ما قبل الأخيرة، انتهت بمتابعة بعض الموظفين بالمكتب الوطني للكهرباء ومستشارين جماعيين، وكذا بعض الموظفين بالملحقة الإدارية سيدي يوسف بن علي، إلى جانب العديد من الكهربائيين المرخصين، بعد انفجار فضيحة التطاول على أراضي الدولة وتحويلها إلى مشاتل لتفريخ العديد من الأبنية خارج كل الضوابط القانونية، مع تغطية ما تم إنجازه بشهادات تنازل وشهادات ربط بشبكات الماء والكهرباء، ما كشف بشكل واضح عن تواطؤ مختلف الجهات المسؤولة محليا، وفتح أبواب المساءلة القانونية في وجه بعضهم. السلطات المحلية بدورها كانت في مهب التحريات وطالت بعض رجالها عوادي التوقيف والتنقيل، بعد ثبوت تورطهم وغضهم الطرف عن كل ما يجري ويدور بهذه الجماعة التي أصبحت نموذجا في تفريخ الأبنية العشوائية، حيث وقفت التحقيقات السابقة على ثبوت تورط أزيد من 32 متهما ضمنهم مجزؤون وموظفون ومستشارون جماعيون. وقد ظلت جماعة تاسلطانت تشكل الجرح الدامي في خصر جهة مراكش من حيث التشوهات العمرانية وتطاول الأبنية العشوائية، ما جعلها في أكثر من مناسبة قبلة للعديدة من لجن التفتيش المركزية والأجهزة الرقابية، التي انتهت زيارتها بتوقيف بعض رجال السلطة وطردهم خارج «جنة» الداخلية، مع متابعة ومحاكمة بعض المتورطين، دون أن يعدم الأمر بعض الأحداث السريالية من قبيل لجوء بعض المستشارين الجماعيين حينها لركوب قطار الاحتجاج والتنديد بمحاولة هدم بعض ما تم استنباته من أبنية عشوائية، وعدم ترددهم في دخول لعبة استعراض مثيرة عبر توقيع استقالات جماعية، ومقاطعة أشغال دورات المجلس، احتجاجا على تواتر لجن التفتيش، وبعض عمليات الهدم، معتبرين الأمر مجرد إجراءات تروم إحراجهم مع كتلهم الناخبة. وبانطلاق التحريات الجديدة التي باشرتها عناصر المركز القضائي للدرك الملكي مع تعليمات النيابة العامة بالذهاب بالتحقيق إلى حدوده القصوى، بدأ بعض المتورطين يعدون العدة ويجيشون الأنصار لمحاصرة التحريات ومنع اقتراب نيرانها من رؤوسهم، ملوحين بسياسة شمشون والتهديد باستعدادهم لهدم الهيكل على رؤوس الجميع حال تعرضهم لأية ملاحقة أو مساءلة قضائية.