بعد غياب دام خمسة عشرة سنة، عادت الفنانة المالية فطومة دياورا إلى بلادها لعرض فيلم Mali Blues. وهو فيلم يحكي قصة أربعة موسيقيين، يسعون من خلال الموسيقى ليس لمعالجة أنفسهم فحسب، بل لشفاء المجتمع بأكمله. والفيلم من إخراج المخرج الألماني لوتس غريغور، حيث يقول: "أينما ذهبت في مالي تشعر بالسعادة والفخر الكبير بثقافة البلد. ويمكنك سماع الموسيقى في كل شارع تقريباً . ومن خلال الفيلم نريد إظهار هذا الجمال وهذه القوة الكامنة في المجتمع". تعتبر الفنانة المالية فطومة الأكثر شهرة بين مغني مالي، وحملت ايقاعات بلادها إلى مختلف دول العالم. وقد دندت نفسها وفنانين آخرين لتقديم حفلات في موظنهم مناهضة للميليشيات الإسلاموية، فعلى الرغم من تحرير شمال مالي إلا أن الأوضاع تبقى خطرة. يرفعون أصواتهم من أجل السلام وضد المتشددين الذين احتلوا شمال البلاد عام 2012 وفرضوا عليه ما سموه قوانين الشريعة وحرقوا الآلات الموسيقية وعذبوا المغنين. تجربة تقول عليه الفنانة: "شعرت شخصياً بالخطر .. وأنا لم آت من أجل مالي فقط بل من أجلي شخصياً. فأنا لا أستطيع تصور حياتي بدون موسيقى. ونحن الموسيقيون نعاني من أوضاع نفسية صعبة، والموسيقى هي علاجنا". في مالي لا توجد وسائل إعلام واسعة النطاق، فهنا يستمع الناس للموسيقى التي تتحدث عن مشكلات البلد والتي تنادي بالمقاومة والخروج الى الشارع. فالموسيقى في مالي تؤدي دورا .. اليوم كما في الماضي. دوره يعززه صوت الفنان باسيكو كوياتي حين يقول: "نحن ال Kouyatés كنا دوماً أهم المستشارين في المملكة. ونحن نمثل التقاليد العريقة، وعندما تواجه مالي اليوم مشاكل ما تتم الاستعانة بنا لتحقيق السلام وتهدئة الخواطر. فكلماتنا أقوى من السلاح". باسيكو هو الآخر واحد من أشهر المغنين في افريقيا، فهو حكواتي ومطرب وواعظ. وقام بجمع عدد من الموسيقيين من كافة أنحاء مالي، كرمز لتوحيد الجهود. أصرت فطومة على زيارة قريتها وهي التي هربت منها بسبب إجبارها على الزواج .. واليوم تؤدي أغنية عن ختان الفتيات وتعبر من خلالها عن جروح الماضي. أغنية تظهر من خلالها عنف تقاليد المجتمع تجاه الفتيات عبر ممارسة تسبب جرحا عميقا في جسد المرة وذاكرتها إلى الأبد. فالختان بالنسبة لها ولنساء أخريات، هو من أجل المجتمع ولا علاقة له بالدين. وعن دور الموسيقى للتعبير عن قضايا المجتمع يقول المخرج الألماني غريغور: "عملية التعبير عن الأمور عن طريق الموسيقى هي تجاوز لمشكلة عدم وجود الحوار. ورأينا أن "فطومه" هي الوحيدة القادرة على ذلك عندما أدت هذه الأغنية. بعدها شعرنا بمدى أهمية الموسيقى لإيصال الافكار التي يصعب مناقشتها". فيلم Mali Blues يعبر عن جرح كبير، ويأخذنا الى أعماق بلد يعاني من التوترات والموسيقى تؤدي فيه دورا للمصالحة. إنه فيلم مليء بالحنين والأمل.