خصصت الدورة الأولى لمهرجان هرهورة لسينما الشاطئ الأربعاء الماضي بسيدي عابد للاحتفاء بالوطن وأمجاده، من خلال عرض فيلم "المسيرة الخضراء" للمخرج يوسف بريطل، وفيلم "الوشاح الأحمر" لمحمد اليونسي، وذلك في إطار المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة. وانطلقت الأمسية الأولى لهذه التظاهرة، التي تفاعل معها الجمهور بالتصفيقات، بعرض فيلمين يؤرخان لمجد المغرب والصحراء المغربية،تجسيدا لهذه الملحمة المغربية التي عكست الارتباط بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي في كفاحهما البطولي دحرا للمستعمر وتعزيزا للوحدة الترابية للمملكة. يستعرض الفيلم أطوار المسيرة الخضراء التي انطلقت في سادس نونبر 1975، بعد الخطاب التاريخي للمغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه في 16 أكتوبر من نفس السنة، والذي دعا فيه المغاربة إلى مسيرة سلمية من أجل الوحدة الترابية للمغرب، وهي الدعوة التي لبى نداءها قرابة 350 ألف شخص، جميعهم كانوا في الموعد من أجل استرجاع الأرض السليبة. مرحلة تاريخية عاشها جميع المغاربة، وحاول الشريط أن يعرضها من خلال تجارب ستة رجال ونساء يجمعهم الكفاح السلمي من أجل تحرير أرض استباحها المستعمر والاجتماع باخوانهم الصحراويين على ارض الأجداد . تتشابك في هذا الفيلم مصائر مجموعة من الرجال والنساء، يسكنهم نفس الحلم، وهو المشاركة في بناء المغرب الحديث، ومن بينهم "زهور" التي عرضت حياتها للخطر بالمشاركة في هذه المسيرة تكريما لروح زوجها، لتنتهي إلى وضع مولودها فوق أرض الصحراء المغربية، ثم قصة محمد ويوسف الأخوان اللذان جمعت بينهما ملحمة المسيرة، بعدما كانت تفرقهما اختلافاتهما ونزاعاتهما. وفي هذا الصدد، قال مخرج الفيلم يوسف بريطل أن فكرة إنتاج فيلم حول المسيرة كان دائما حاضرا في ذهنه منذ سنوات، إلى أن تم اللقاء بمهدي بلحاج وعثمان بنزاكور (منتجي الفيلم) اللذين يتشاركان معه نفس الشغف والرؤية. وأكد بريطل، أن معالجة موضوع "المسيرة الخضراء" كانت تستولي على اهتماماته الفنية، مذكرا، في هذا الصدد، بفوزه في المباراة الوطنية التي نظمها المركز السينمائي المغربي سنة 2014 عن فيلمه القصير الذي يحكي قصة عجوز يدعى "سالم" شارك في هذه المسيرة الخضراء. أما فيلم "الوشاح الأحمر" لمخرجه محمد ليونسي، فيحكي قصة حب تمكن من تجاوز الحدود والصراعات السياسية والإغراءات. يحكي هذا الفيلم، الذي شارك في كتابته إلى جانب محمد ليونسي المخرج الجيلالي فرحاتي، عن واقعة طرد العديد من العائلات المغربية من الجزائر سنة 1975، مجسدة في قصة زوجين فرقتهما الظروف السياسية وجمعهما الحب، لحبيب (مغربي قاطن بالجزائر) ولويزا (جزائرية) . وبخصوص هذا الموضوع، قال اليونسي، في تصريح مماثل، إن "الفيلم يعالج مسألة تاريخية من زاوية إنسانية"، مشيرا إلى أن شخصيات الفيلم تجسد المعاناة و الالام التي تجرعتها آلاف الأسر المغربية التي فرق ما بين أفرادها النزاع السياسي. وعلى صعيد آخر، سجل المخرج أن الهدف من وراء تنظيم الدورة الأولى من مهرجان "هرهورة سينما الشاطئ" هو تقريب الثقافة من الجمهور في ظل العزوف عن القاعات السينمائية، مضيفا أن هذا النوع من المبادرات يوفر فضاء ممتعا للمصطافين. وقد تميز اليوم الأول من المهرجان ببرمجة مبارتين في كرة الطائرة وتنظيم ورشة لكتابة السيناريو، أطرها لفائدة التلاميذ كل من كاتب السيناريو هشام رفيع و المخرج رشيد زكي . ويعد مهرجان هرهورة لسينما الشاطئ، الذي تنظمه "الجمعية المغربية للفنون بلا حدود"، مغامرة سينمائية يتقاسم خلالها صناع السينما والجمهور العريض شغفهم بسحر الشاشة الكبيرة، في وقت توفر فيه هذه التظاهرة المفتوحة على الهواء الطلق فرصة حماية وتطوير المنتوج الفني والثقافي والاحتفاء به في مختلف تمظهراته سواء كان سينما أو مسرحا أو موسيقى.