كان في أصله تيلينوفيلا من مائة وعشرين حلقة، وتحول «أحلام النسيم» إلى مسلسل من أربعة أجزاء «غربة الحباب» و«حب على الأبواب» و«غدر الأصحاب» و«حكم الأسباب». ويقدر العاطي يعطي أجزاء أخرى. وجوه فنية جديدة تطل لأول مرة علىالمشاهدين عبر شاشة الأولى كالمغني سعد لمجرد والممثلة فرح الفاسي. ووجوه قديمة كيونس ميكري وحميد زوغي تظهر لأول مرة في عمل درامي على تلفزيون دار البريهي، قد يبدو الأمر غريبا لكنها الحقيقة. مسسلسل «أحلام نسيم» سيجمع هذه الأسماء وكوكبة أخرى من خيرة الممثلين النجوم القدامى كمحمد خيي ونعيمة المشرقي (تعود بعد غياب سبع سنوات) والجيل الجديد كعمر لطفي ويوسف بريطل وفرح الفاسي، وسعد لمجرد بل يخبئ العمل مفاجآت، نكتشف معه وجوها جديدة تكسر رتابة بات يشعر بها المشاهد من فرط تكرار الوجوه نفسها. ولم يكن بلوغ هذا الهدف بالأمر السهل، بل تطلب إجراء كاستينغ زهاء سته أشهر من طرف المخرج علي طاهيري وكاتب السيناريو مختار عيش، راهنوا فيه على أسماء جديدة سواء في طريقة أدائها أو في حضورها كشكل. عمل ضخم جمع أسماء كبرى، وأوجد توليفة فنية بين جيلين قديم وجديد. هذا المعطى يوحي أن ميزانية المسلسل لن تكون إلا ضخمة، لكنها لم تتجاوز قيمتها 26 مليون سنتيم للحلقة الواحدة «صرفنا الميزانية كلها على العمل وكنا مدفوعين في هذا الجزء الأول بضرورة تحريك عجلة الدراما الوطنية لتزيد إلى الأمام. إيلا بقينا تنحسبو بالمعنى الضيق سوف نظل نسير ببطء، وكمنتج في الجزء الأول غادي نربح الكاشي ديالي ككاتب سيناريو...» يؤكد المنتج مختار عيش. المغني الشاب سعد لمجرد في أول وقوف له أمام الكاميرا بعمل درامي تلفزيوني. اختيار يثير تساؤلا حول أسبابه ومبرراته خاصة أن لمجرد يعد صفحة بيضاء في هذا المجال. يجيب المخرج علي طاهيري «الرؤية الكامنة وراء انتقاء سعد لمجرد كشاب أنه حاولنا نقديم صورة عن المغرب بشكل جميل. المغرب يبقى بلدا جميلا وأردنا أن نعكس هذا الجمال عبر وجوه تحقق هذا الهدف. ليس بالضرورة أن نبقى دائما مقيدين بتصور نمطي يقدم شخصية سيئة في المجتمع بطريقة قبيحة. قد تكون الشخصية خايبة في العمق لكن لا مانع من أن نسوقها للمشاهد في صورة جميلة». نقطة إيجابية أخرى شفعت لسعد لمجرد اختياره كونه مغنيا، والمغني عادة يكون إنسانا محبوب الشخصية -حسب المخرج- لدى الجمهور ضاربا المثل بالراحل عبد الحليم حافظ الذي ارتبط مساره كممثل بالغناء وبأسلوب يعتمد في المقام الأول الإحساس العالي. «وما خصناش ننساو أن لمجرد في تجربته ببرنامج ستار أكاديمي كان يطلب منه كباقي المرشحين تشخيص أو ارتجال مشاهد تمثيلية» يضيف علي طاهيري. المسلسل درامي اجتماعي يروي قصة أربع عائلات، كل عائلة تعيش مشاكلها بعيدة عن الأخرى، لكن تفاعل الأحداث وظروف الحياة تفضي إلى الالتقاء بينهم. العائلة الأولى عائلة عدنان الواليدي «يونس ميكري» وزوجه أمل عيوش تمثل نموذج الثراء داخل المجتمع، لها ابن يشخصه دوره الممثل عمر لطفي إضافة إلى فضيلة بن موسى وعبد القادر بوزيدي كخدم. العائلة الثانية لعبد الصمد سعدان تنتمى إلى الطبقة المتوسطة، يمثل دور الأب فيها «محمد خيي» وزوجه «كلثوم» نجوم زوهرة تشتغل أستاذة، ولهما ابنان سكينة الفضايلي «سناء» وسعد لمجرد «نسيم» الذي سيغني مع مريم بلمير جينريك المسلسل. العائلة الثالثة تمثل الوجه القروي، يشخص دور الأب فيها بن عبد الله الجندي «جلول» والأم «فضيلة» سعاد العلوي، ويشخص دور البنتان الممثلة الصاعدة فرح الفاسي في أول ظهور على الشاشة الصغيرة. ووجه جديد يكتشفه المشاهد في هذا العمل ابتسام العروسي. العائلة الرابعة عائلة حميد الزوغي وزوجه نعيمة المشرقي وابن عمه بن عيسى الجيراري. العمل طرح جمعا من القضايا وأمراض المجتمع كالمخدرات والفساد والدعارة والمافيات. وفي قلب هذه اللوحة السوداء، تضيء شمعة قصة حب بين سعد لمجرد وفرح الفاسي «الحياة ماشي دائما فيها الحزن والمشاكل لكنها جملة متنافضات فيها القبيح والجميل» يقول المخرج. من المحتمل والمرجح أن يبث الجزء الأول «غربة الحباب» شهر رمضان المقبل، إذ ستكون حلقاته الثلاثين جاهزة وتسلم إلى الشركة الوطنية بداية ماي المقبل، وبلغ عدد الحلقات الموضبة بشكل نهائي خمسة عشر حلقة. ويبدو أن أعمال رمضان لهذا العام انطلق التهييء لها مبكرا، إذ انتهى المخرجان علي الطاهيري وحميد زيان من تصويره «غربة الحباب»، منتصف فبراير الماضي اعتمادا على كاميرتين، واستغرق التصوير بمدن مراكش ونواحيها واوريكة والصويرة أربعة أشهر. وحرص الطاقم الفني على انتقاء مواقع تعبر عما يزخر به المغرب من مناظر وقرى جميلة وسط الجبال كما هو الحال في قرية بتادارت مثلا مستحضرين حسب تصريح مختار عيش النموذج التركي في هذا المضمار إذا كان المسلسل في أصله تيلينوفيلا ألم يتأثر بناؤه بعد صيرورته مسلسلا من أجزاء؟ يجيب كاتبه مختار عيش أن هذا التحول لم يكن له تأثيرا بسبب أن الاشتغال انطلق مبكرا، وحينما شرع في الكتابة بعد تقديم ملخص عام أول من مائة وعشرين حلقة إلى الشركة الوطنية «كنت أكتب مسلسلا من أجزاء على أساس أن يكون كل جزء قويا ومكتوبا بشكل جيد حتى نقدم بل سنقدم أجزاء يمكن أن توزع وتسوق وتدبلج إلى لغات أخرى..».