أفرجت السلطات عنهم مؤخرا بموجب عفو ملكي بعد أن اتهموا بالتنظير للفكر السلفي الجهادي المتطرف. دورهم، حسب المصالح الأمنية، في العمليات الإرهابية التي ضربت مدينة الدارالبيضاء، صنف في خانة التحريض. ومنفذو الاعتداءات الإرهابية، كانوا متشبعين بأفكار ومبادىء هذا التيار عن طريق ما يتلقونه من دروس على يد منظريه، لكنهم قدموا وهم داخل السجن مراجعات قد توقف تناسل خلايا الإرهاب وتضع حدا لاستمرار تهديد الأمن والاستقرار بالمغرب. الحدوشي : «تأييد القاعدة واجب شرعي» إذا كان الحدوشي يفتخر بأنه «متشدد في الدين»، ويعتبر ذلك «شرفا له»، فإنه كغيره من الأصوليين لا يعتقد بل ويجزم بأن خلية تنظيم القاعدة من نسج خيال المخابرات، وأن «مصالح الأمن المغربية غبية.. كيف يأتي أتباع القاعدة من أجل ضرب الأفاعي والحشرات بجامع الفنا»، دون أن تطالهم يد الأجهزة الأمنية. لكن بعد ضرب الدارالبيضاء، سقط «الشيخ»الذي كان تحت المراقبة، منذ أن وقع على الفتوى التي حرمت التعاون مع أمريكا في حربها ضد حكم طالبان بأفغانستان، واعتبر أن مناصرة بن لادن واجب شرعا». كان عمر الحدوشي، آخر الملتحقين بقائمة دعاة التطرف المعتقلين، وصدرت في حقه خلال صيف سنة 2003 مذكرة بحث، دون أن تطاله يد الأجهزة الأمنية. فأثناء الفترة الممتدة بين عرض ملف «السلفية الجهادية» وملف «تفجيرات الدارالبيضاء»، ظل «عمر الحدوشي» متواريا عن الأنظار، فقد اعتبر تأييد تنظيم القاعدة «واجبا شرعيا»، كما مجد نظام طالبان ودعا له بالنصر، باعتباره «النظام الوحيد الذي يطبق شرع الله». في سنة، 1970 كانت ولادة عمر الحدوشي بمدينة الحسيمة، حيث حفظ القرآن وسنه لم يتجاوز العاشرة، قبل أن ينتقل إلى مدينة طنجة، وهناك تتلمذ على يد مجموعة من المشايخ، ثم انتقل إلى العربية السعودية، حيث أمضى بها سنتين. عمر الحدوشي الذي صدرت في حقه عقوبة سجنية، صرح في آخر كلمة له قبيل صدور الحكم، بما ظل لايؤمن به في خطبه وسلوكه، حين نفى تكفيره لأحد من أفراد المجتمع، بل أكثر من ذلك صرح بأنه «لا نكفر أحدا من أهل القبلة... ومن وقع في الكفر لا نكفره... إني رجل فقه وحديث ولا علاقة لي بهذه الأحداث ولا أعلم من أقحمني فيها». رفيقي: أبرز مناصري طالبان وبن لادن لم يكن أبو حفص الوحيد في أسرته من زار أفغانستان ذلك أن والده «أبوحذيفة»، كان قد عاش فترة لا يستهان بها هناك في بداية التسعينيات، ومنذ ذلك الحين أصبح الأب والابن محط متابعة من قبل الأمن. ويعد أبو حفص من أبرز مناصري حركة طالبان وأسامة بن لادن ومن المغاربة الأوائل الذين باركوا عمليات 11 شتنبر، حيث كان يصفها باستمرار بالعرس المبارك الذي لم يكتمل. اعتقل عبد الوهاب رفيقي قبل الأحداث الإرهابية بالدارالبيضاء، فمساره قبل ذلك كان يوحي بالمكانة التي يحتلها وسط تيار ما يسمى ب«السلفية الجهادية»، وبالتالي العلاقة التي ربطها بعدد منهم، حيث جاء اعتقال «أبي حفص في سياق سلسلة الاعتقالات التي شملت 11 فردا بالمعمورة في أعقاب لقاء ضم العشرات من المحسوبين على تنظيمات أصولية متطرفة، حيث سبق أن اعترف بتلقيه تدريبات بأفغانستان خلال التحقيق معه بفاس، قبل أن يصبح من أقطاب تنظيم السلفية الجهادية وإماما لمسجد البركاني بعمالة زواغة مولاي يعقوب. ولم يكن اعتقال «أبو حفص» جديدا عليه، إذ سبق أن أدين من قبل ابتدائية فاس بستة أشهر سجنا نافذة، قبل أن يتم الإفراج عنه بعد نحو شهرين إثر عفو ملكي. وكان أتباعه يقومون منذ ظهوره على الساحة بنسخ ونشر تسجيلات لجميع خطبه ودروسه داخل فاس وخارجها، وكانوا يعمدون إلى تنظيم دوريات ليلية في الكثير من الأحياء، بدعوى تطهيرها ممن كانوا يسمونهم بالزنادقة والمفسدين وأعداء الله. وبعد إطلاق سراحه سيلتحق بأبيه الذي أكمل مدة سجنه، لكن هل سيتابع مسارا آخر في سلسلة المراجعات التي بدأها في السجن؟. الكتاني: دعم السلفيين ورفض التخلي عنهم إذا كان اعتقال حسن الكتاني قد فاجأ البعض، الذي ظل يعتبره بعيدا عن التيارات الأصولية المتطرفة، فإنه بالمقابل لم يزعج آخرين، خاصة بعد مشاركته في «خرجة المعمورة». في 17 غشت 1972ولد «حسن الكتاني» بسلا، حيث درس تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي بالمملكة العربية السعودية، وفي عام 0991 حصل على الثانوية العامة ليعود بعد ذلك إلى المغرب ويدرس علوم الإدارة، وهي السنة التي صادفت انشقاق التيار السلفي، حيث لم يكتف بذلك، بل عمل على دراسة علوم الإدارة والاقتصاد ليحصل على ديبلوم المعهد الدولي للدراسات العليا سنة 5991 بالرباط قبل أن يتوجه إلى الأردن ليحصل على الماجستر في الفقه وأصوله من كلية الدراسات الفقهية والقانونية. وأثناء فترة دراسته بجدة، لازم الشيخ حسن أيوب، وحضر إلى بعض مجالس الشيخ بن العثيمين، وقد منع من الخطبة بالمساجد بعد صدور فتوى تحريم التحالف مع أمريكا. عشرة أيام بعد ذلك تقريبا يخلق حسن الكتاني أزمة بين العدالة والتنمية والقصر، بعد قول الخطيب إن إطلاق سراحه جاء بتعليمات عليا، قبل أن يجبر على نشر بيان حقيقة. وبالنظر إلى التهم الموجهة للرجل، فقد وجد الحزب حرجا في استضافة الدكتور الخطيب له.. وأمام تدخل وزير الداخلية بشكل صارم اضطر الخطيب إلى مرافقة الكتاني إلى المحكمة لأجل تسليم نفسه .. لكن هذه المرة لم تعد المتابعة منحصرة في الخروج عن المذهب المالكي، فقد بدا الملف أثقل من ذلك بكثير.. المشاركة في تكوين عصابة إجرامية، وانتحال صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بنشاط جمعوي غير مرخص له، وكذا التحريض على العنف.. وهي التهم التي كلفته سنوات من عمره في السجن قبل أن يغادر أسواره بعفو ملكي.