باريس, 27-1-2016 (أ ف ب) - قدمت وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا استقالتها الى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاربعاء تعبيرا عن معارضتها لمشروع تعديل دستوري يسقط الجنسية الفرنسية عن اصحاب الجنسية المزدوجة الذين يثبت تورطهم في اعمال ارهابية. وتأتي استقالة توبيرا (63 عاما) التي اعلنتها الرئاسة في بيان, بعد اشهر من التردد وفي اليوم الذي يعرض فيه رئيس الوزراء مانويل فالس على النواب النص النهائي لمشروع اصلاح دستوري حول حالة الطوارئ واسقاط الجنسية عن مرتكبي الاعتداءات الارهابية. وكتبت توبيرا في تغريدة على تويتر "المقاومة احيانا تعني البقاء, واحيانا تعني الرحيل. انسجاما مع نفسي ومعنا, من اجل أن تكون الكلمة الفصل للأخلاقيات والقانون". وقالت الرئاسة ان الوزيرة قدمت استقالتها قبل زيارة هولاند للهند قبل بضعة ايام. وجاء في بيان صدر عن الاليزيه ان هولاند وتوبيرا "اتفقا على ضرورة انهاء مهام" الوزيرة المفوهة المعروفة بشخصيتها القوية. وفي تأكيد لاستقالتها بسبب "خلاف سياسي كبير", قالت توبيرا في مؤتمر صحافي إنها اختارت "البقاء وفية لنفسي ولالتزاماتي ومعاركي وعلاقتي بالBخرين". وسرعان ما عين مكانها جان جاك اورفواس (56 عاما) القريب من فالس والمتخصص في شؤون الامن بعدما تولى رئاسة اللجنة المكلفة اعداد القوانين في البرلمان الفرنسي. وقال فرنسوا هولاند الاربعاء ان الحكومة تحتاج الى "حس اخلاقي جماعي وانسجام قوي", خلال اجتماع مجلس الوزراء الاسبوعي. -الخروج من المأزق- ================== ورحب اليمين واليمين المتطرف باستقالة توبيرا ذات الاصول الافريقية والتي كانت هدفا لانتقادات المعسكرين بسبب قانون زواج المثليين في 2013. وقالت رئيسة الجبهة الوطنية مارين لوبن "انه نبأ سار لفرنسا" متهمة توبيرا بانها تسببت في "انهيار الوضع الامني" في فرنسا و"اضعاف سلطة الدولة" من خلال سياسة "متساهلة" في معاقبة الجريمة. وقال النائب في حزب الجمهوريين اليميني هيرفيه ماريتون ان "استقالة كريستيان توبيرا امر منطقي, لم تعد على توافق مع الحكومة". ولم تخف توبيرا معارضتها للتعديل الذي ينص على اسقاط الجنسية عن المولودين فرنسيين والحاملين لجنسيتين وعلى ادراج ذلك في الدستور. ويجيز القانون اصلا اسقاط الجنسية عن المجنسين. وهذا الاجراء الرمزي الذي اعلنه الرئيس الاشتراكي في 16 تشرين الثاني/نوفمبر امام البرلمان طالبت به المعارضة لكنه ادى الى انقسام اليسار حيث اتهم البعض الرئاسة بالتمييز في معاملة المواطنين وهي مسألة حساسة في فرنسا حيث يحمل 3,6 ملايين شخص جنسية اخرى غير الفرنسية. ونشأ جميع مرتكبي اعتداءات 2015 في فرنسا في اوروبا وبعضهم كان يحمل الجنسية الفرنسية. لكن التعديل لن يشملهم لانهم قتلوا جميعهم في اعتداءات انتحارية او في مواجهات مع الشرطة. وللخروج من المأزق, أعلن مانويل فالس الأربعاء أن مشروع الإصلاح الدستوري لا يتضمن "أي إشارة الى مزدوجي الجنسية. ولكن عمليا لا يمكن لهذا الاجراء ان يشمل الفرنسيين الذين لا يحملون جنسية اخرى حيث تمنع الاتفاقات الدولية نزع الجنسية وتحويل اشخاص الى عديمي الجنسية. - خلافات - ========== وكانت توبيرا منذ اشهر على خلاف مع سياسة الرئيس واعربت مرارا عن معارضتها قانون التعليم وتبني سياسة اقتصادية ليبرالية وتبني اليسار "مقولات اليمين" في مجال الامن, لكنها ظلت في منصبها. وزادت اعتداءات كانون الثاني/يناير وتشرين الثاني/نوفمبر في باريس من عزلة وزيرة العدل السابقة, المحبة للشعر والأدب, والتي ما كان يمكن لخطابها التقدمي سوى أن يخلق حالة صدام في ظل حالة الطوارىء. ولطالما تعاملت المناضلة السابقة سليلة السود من اجل الاستقلال في بلدها الاصلي غويانا, وصاحبة الثقافة الانسانية الرفيعة والمؤهلات التي تضاهي العديد من السياسيين الفرنسيين, بهدوء مع الهجمات التي استهدفتها. فالمرأة ذات القامة القصيرة والنظرة الثاقبة الحريصة على ارتداء بدلات انيقة وعلى تجديل شعرها وجمعه, لطالما لجأت الى الشعر والأدب والفلسفة والقانون المدني في استشهاداتها. ولكن بقاءها في الحكومة بات غير ممكن ومثلها رحلت وجوه اخرى من "يسار اليسار" مثل بنوا هامون ووارنو مونتبرو او سيسيل دوفلو قبل وقت طويل وبات بقاؤها يؤثر سلبا عليها. وفي الجمعية الوطنية, حيا النواب بحفاوة الوزيرة السابقة, وشكروها على "المعارك الرمزية" التي خاضوها معا. وأعرب بعض نواب اليسار عن اسفهم لتراجع الغالبية التي يتمتع بها اليسار الحاكم منذ العام 2012.