لم تدم فترة فرارهم هذه المرة طويلا، حين سقط القناع عن وجوههم، بعدما كشفت التحقيقات عن هويتهم، وتنفست الأجهزة الأمنية المغربية الصعداء بوضع يدها على المشتبه فيهم، الذين حيروا عناصر الشرطة لأزيد من سنة، بسبب تكرار حوادث إطلاق النار بالمدينة، دون فك ألغاز هذه العمليات، التي تطورت في الحادث الأخير باستخدام سلاح رشاش في هجوم على سيارة لنقل الأموال أمام وكالة بنكية. الأمر يتعلق، وفق البلاغ الذي أصدرته أمس المديرية العامة للأمن الوطني، بمواطنيين بلجيكيين من أصول مغربية، تم إيقافهما على خلفية الاشتباه في صلتهما بمحاولة السطو المسلح، باستعمال السلاح الناري التي استهدفت سيارة لنقل الأموال بتاريخ 13 غشت الجاري، بعدما تمكنت مصالح ولاية أمن طنجة بتنسيق مع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والمكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في عملية نوعية تم تنفيذها أول أمس الثلاثاء، من تفكيك شبكة إجرامية دولية تنشط في ميدان السرقات المسلحة وترويج المخدرات. وقد قام عناصر الأمن، حسب البلاغ نفسه، بحجز أسلحة نارية مختلفة من بينها رشاش أوتوماتيكي وبندقية من نوع «برونينغ»، وتبين من خلال التحقيقات الأولية أن المشتبه به الرئيسي حصل على هذه الأسلحة، التي استعمل جزء منها في محاولة السطو الأخيرة على سيارة نقل الأموال بشارع مولاي رشيد، بالإضافة إلى كمية كبيرة من الذخيرة، عن طريق الموقوف الثاني الذي عمل على تهريبها بطرق غير شرعية، انطلاقا من مكان إقامته ببلجيكا. كما مكنت عمليات التفتيش المنجزة في إطار هذه القضية، من ضبط كميات من الذخيرة الحية ذات العيارات المختلفة، وكذا وثائق هوية مزورة وصفائح ترقيم سيارات تحمل أرقام وطنية وأخرى أجنبية مزيفة، ومعدات تستعمل في تزوير هذه الصفائح، بالإضافة إلى حجز عدة سيارات وأسلحة بيضاء وأقنعة مطاطية وأجهزة اتصال متطورة من بينها جهاز للتشويش على الاتصالات وهاتف متصل بالأقمار الاصطناعية، فضلا عن ضبط أكياس معبأة بكميات من المخدرات. وكانت قوات الأمن، قد شنت أمس الثلاثاء، مجموعة من المداهمات بعدد من المناطق بالمدينة وضواحيها، أسفرت عن إيقاف المشتبه فيه الرئيسي، الذي تم إلقاء القبض عليه في الساعات الأولى من الصباح، أثناء التحاقه بشقته الواقعة بالطابق السابع لإقامة النعيم بالحي المجاور للمستشفى الإسباني، بعدما تم تنفيذ هذه العملية بمشاركة مختلف الأجهزة الأمنية أمام خطورة الشخص المستهدف، الذي ضبط بحوزته سلاح ناري وشحنة من المخدرات، ويتعلق الأمر بشاب، 39 سنة، يحمل الجنسية البلجيكية، له مجموعة من السوابق القضائية في مجال السرقات المسلحة والاتجار في المخدرات بكل من المغرب وبلجيكا وإسبانيا، وظل موضوع مذكرة بحث من قبل الشرطة البلجيكية. وبعد تحقيق هذا الصيد الثمين، وعند حوالي الساعة العاشرة من ليلة اليوم نفسه، تم تطويق زنقة ابن الصباغ بحي الإدريسية، بعدما عاين السكان إنزالا أمنيا كثيفا، وانتشار عناصر الشرطة بزي مدني يحملون مسدساتهم، وتم حظر التجول بالطرق المؤدية إلى موقع الهدف، قبل أن يتم اقتحام فيلا تعود لعائلة يقطن جل أبنائها بالمهجر، بعد ترصد أحد الأشخاص مقيم ببلجيكا خلال زيارته لوالديه، حيث تمكن عناصر الأمن من إلقاء القبض عليه، وإجراء تفتيش دقيق للفيلا، أسفر عن حجز مجموعة من الأدوات، من بينها لوحات السيارات تحمل أرقاما مزورة، وتبين أن المشتبه فيه الثاني كان مبحوثا عنه من أجل ترويج المخدرات، وقد استطاع إدخال أسلحة نارية إلى المغرب بطرق غير مشروعة. ويواصل المحققون أبحاثهم لإيقاف باقي المشتبه فيهم، الذين تم تحديد هوياتهم باعتبارهم من المشاركين في تنفيذ عمليات السطو المسلح التي شهدتها المدينة، بعدما اعترف العقل المدبر لهذه العمليات بشركائه، وكشفت الأبحاث التي تباشرها مصالح الأمن عن تورطه رفقة أحد شركائه الموجود في حالة فرار، في ارتكاب عملية سطو على مبلغ مالي يفوق 500 مليون سنتيم باستعمال مسدس، حين قام مجهولان بإطلاق النار في اتجلاه حارسي ناقلة للأموال عند مدخل وكالة بنكية بشارع مولاي عبد العزيز في شهر فبراير من سنة 2014، كما خلصت الأبحاث الجارية إلى تورط المشتبه فيه الرئيسي، في واقعة إطلاق النار على شخص ليلة 31 ماي 2013 بشارع مولاي رشيد، قبل الاستيلاء على سيارة الضحية الذي توفي متأثرا بإصابته بطلقة رصاصة، كما له علاقة بحيازة سيارة مسروقة، سبق لاثنين من شركائه المبحوث عنهما في إطار هذه القضية، أن قاما بالاستيلاء عليها بعد إطلاق النار على صاحبها بأحد الشوارع وسط مدينة طنجة بتاريخ 2013/11/27. وقد تم وضع المشتبه فيهما تحت تدابير الحراسة النظرية بتعليمات من النيابة العامة المختصة، في الوقت الذي يستمر فيه البحث لكشف كافة المتورطين في حوادث إطلاق النار، التي اهتزت لها مدينة طنجة في السنوات الأخيرة. محمد كويمن