تغير كل شيء في حياته، وسيطر عليه اليأس والإحباط، وأصبح التفكير في المشكلة التي عصفت بقدراته الجنسية محور اهتمامه. ضرب عرض الحائط بالجوانب الأخرى لحياته الأسرية التي أهملها. مشكلة محمد الجنسية انعكست سلبا على علاقته بزوجته التي عانت معه الأمرين لتقرر فيما بعد مساعدته لتخطي أزمته ومساندته في محنته التي بدأت تعرف طريقها للحل بعد أن بدأ يتابع حالته عند طبيب مختص. كانت رجولته أكبر كنز يفتخر به أمام الآخرين قبل أن يتمكن منه العجز الجنسي ويصبح غير قادر على ممارسة الجنس بشكل عاد وطبيعي كما كان عليه الحال في بداية شبابه. لم يكن عمر محمد يتجاوز الخامسة والثلاثين سنة عندما بدأت المشاكل في العمل تعرف طريقها إليه، وبدأت تؤثر على قدراته الجنسية التي أخذت تتراجع، إلا أنه لم يعر الأمر أدنى اهتمام، لاعتقاده أن الأمر مجرد سحابة صيف عابرة، بسبب حالته النفسية المتدهورة. تغيرت معاملته لزوجته التي كانت تجمعه بها علاقة حب، قبل أن يتوج هذا الحب بعقد شرعي سيعيشان تحت غطائه مع بعضهما إلى نهاية العمر. أصبح شديد العصبية وصعب الميراس، بعد أن كان يتميز بشخصيته المرحة، وصحبته الممتعة التي كان الجميع يتهافت عليه من أجل الاستمتاع بها. لم يعد محمد يتحمل أي حديث أو تصرف يصدر عن زوجته حتى ولو كان عن غير قصد منها. فأضحت حياة زوجته جحيما، لأنه أصبح يتحاشى أي خطوة منها للتقرب منه والتعبير له عن مشاعرها ورغباتها الغريزية التي كان يواجهها بالصد. أثار هذا الأمر الشك في نفس الزوجة التي لم تكن تعلم ما الذي حل بزوجها دون سابق إنذار فظنت أنه على علاقة بامرأة غيرها، لذلك يحاول تجنبها وعدم الاقتراب منها. بدأت المشاكل تعرف طريقها إلى بيت محمد دون أن يمتلك الشجاعة الكافية للإفصاح لزوجته عن المشكلة التي تمس رجولته وكرامته كرجل، وخوفا من رد فعلها. لم يجد محمد أمامه من حل إلا اللجوء إلى تناول حبة «الفياغرا»، لتساعده على استعادة ولو جزء بسيط من رجولته التي يحس بأنها هدرت بفقدانه الرغبة في معاشرة زوجته. بدأت الزوجة تراقب زوجها وتصرفاته، وحاولت التقرب منه لمعرفة السبب الذي جعله يتعامل معها بهذا الشكل، ليعترف لها زوجها بما يعانيه بعد أن فشل في تخطي هذا المشكل طالبا منها مد يد المساعدة إليه. ظنت الزوجة في بداية الأمر أن المشكل متعلق ب«الثقاف»، معتقدة أنه انتقام دافعه الغيرة منها ومن زوجها. لم تنفع وصفات العلاج التي أتت بها الزوجة من عند الدجالين والمشعوذين، في استرجاع محمد لقدراته الجنسية، واستمر هو بالمقابل في تناول حبوب الفياغرا، التي تساعده على الانتصاب وممارسة علاقته الجنسية مع زوجته. خارت قوى الزوج وساءت حالته النفسية وأصبحت هذه المشكلة هي شغله الشاغل، وبدأ يشك في كل شيء حوله وفي تصرفات زوجته التي كثرت شجاراته معها، وبدأ يتهمها في كل مرة بخيانته، أو برغبتها في الانفصال عنه «حيت مبقاش راجل» على حد تعبيره، وهو الأمر الذي حول حياة الزوجة إلى جحيم بعد أن فشلت في إقناع زوجها برغبتها في الوقوف إلى جانبه إلى أن يتماثل للشفاء. بالرغم من كل المشاكل استمرت الزوجة في البحث عن الوسيلة التي يمكن أن تساعده بها في محنته. اتصلت بأحد الأطباء وروت له المشكلة التي يعاني منها الزوج، لتقترح عليه مرافقتها إلى الطبيب، الذي بدأ معه رحلة العلاج التي كشفت أن سبب المشكل نفسي بالأساس وناتج عن المشاكل التي كان يعاني منها في عمله. تبين من خلال الفحوصات الأولية التي قام بها الطبيب أن محمد مصاب بخلل في الانتصاب، وأن تلك الأدوية المنشطة التي كان يستعملها بشكل عشوائي ودون استشارة طبية، كانت تشكل خطرا على حياته، وكان من الممكن أن تودي بحياته. بعد مرور عدة أشهر بدأت حالة محمد تتحسن بعض الشيء بمساعدة الطبيب المتابع لحالته، وبدأت مشاكله الزوجية في الاضمحلال بعد أن تمكن من استعادة قدراته الجنسية بشكل تدريجي. مجيدة أبوالخيرات