اتفق القادة الاوروبيون الخميس على ان يضاعفوا ثلاث مرات الموارد المخصصة لانقاذ المهاجرين غير الشرعيين في البحر المتوسط وعلى استصدار قرار من مجلس الامن الدولي يجيز التحرك عسكريا ضد المهربين في ليبيا. لكن قادة الاتحاد الاوروبي لم يتمكنوا خلال قمتهم الاستثنائية في بروكسل من الاتفاق على موضوع استضافة المهاجرين لدى وصولهم الى اوروبا وكيفية التعامل معهم، مرجئين قراراتهم في هذا الشأن الى وقت لاحق. وكان رئيس مجلس اوروبا دونالد توسك حرص قبيل بدء القمة على خفض سقف التوقعات، وقال "يجب الا يكون لدى احد اية اوهام. المشاكل لن تحل اليوم". وفي قمتهم التي تداعوا الى عقدها اثر مصرع حوالى 800 مهاجر غير شرعي بعد غرق سفينتهم التي انطلقت من ليبيا، اتفق القادة الاوروبيون على ان يضاعفوا ثلاث مرات الموازنة المخصصة لعملية "ترايتون"، مهمة البحث والانقاذ الاوروبية في المتوسط. وقالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في ختام القمة "نريد ان نتصرف بسرعة وهذا يعني اننا سنضاعف ثلاث مرات الموارد المالية لعملية تريتون". بدوره قال رئيس المفوضية الاوروبية جان-كلود يونكر "لقد ضاعفنا ثلاث مرات عملية تريتون في حين ان المقترح كان زيادتها مرتين" فقط. ولكن القادة لم يتفقوا على توسيع نطاق عملية تريتون للسماح لها بالخروج من المياه الاقليمية الاوروبية باتجاه السواحل الليبية، بحسب ما اضافت ميركل. وكشفت شهادات الناجين ال28 من الكارثة الاخيرة عن وقائع مروعة. وصرح احدهم عبد الرزاق انه نجا لانه كان في الطبقة العليا من المركب مؤكدا ان "الذين دفعوا مالا اقل كانوا محتجزين في داخل المركب". وبقي مئات المهاجرين من بينهم نساء واطفال داخل الزورق الغارق حيث لم يتمكن عناصر خفر السواحل من انتشال اكثر من 24 جثة. وخلال القمة تعهدت فرنسا بوضع سفينتين وثلاث طائرات في تصرف ترايتون، في حين تعهدت المانيا بالمساهمة بسفينتين بينما تعهدت السويد والنروج والدنمارك وبلجيكا بأن يساهم كل منهما بسفينة واحدة. وترايتون هي عملية تديرها فرونتكس، الوكالة الاوروبية المكلفة مراقبة الحدود الخارجية لفضاء شنغن الذي يضم 22 من دول الاتحاد الاوروبي ال28 اضافة الى سويسرا وايسلندا والنروج وليشتنشتاين. اما بريطانيا التي ليست عضوا في هذا الفضاء فقد اعلنت من جهتها عن المساهمة في عمليات البحث والانقاذ بسفينة "اتش ام اس بولوورك" التي تعتبر احد اكبر سفنها الحربية، اضافة الى سفينتي دوريات وثلاث مروحيات. لكن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حذر من ان مشاركة بريطانيا في هذه العمليات لا تعني بأي شكل من الاشكال انها ستمنح اللاجئين الذين ستنقذهم قطعها البحرية حق اللجوء في بريطانيا. وقال "ليس ورادا ان يتمكنوا من طلب حق اللجوء الى بريطانيا". وحاليا تشارك 21 دولة في عملية ترايتون بسبع سفت واربع طائرات ومروحية وحوالى 65 عنصرا. بالمقابل فان العمليات العسكرية الرامية الى تحديد وضبط وتدمير السفن المستخدمة في تهريب المهاجرين، قبل ان يتم تحميلها بهؤلاء، طرحت مشكلة. وفي هذا الاطار اتفق القادة الاوروبيون على وجوب استصدار قرار من مجلس الامن الدولي يجيز هذا التدخل العسكري. وتعهدت فرنساوبريطانيان، العضوان الدائمان في المجلس، بتقديم مشروع قرار بهذا الخصوص، كما اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في ختام القمة. واوضح هولاند انه سيبحث اعتبارا من الجمعة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في يريفان على هامش احياء الذكرى المئوية الاولى للمجازر الارمنية "في ما تعتزم اوروبا طرحه في اطار قرار محتمل لمجلس الامن الدولي". وحرص هولاند على التأكيد ان الامر "لا يعني القيام مجددا بتدخل عسكري" مماثل لذلك الذي اقره مجلس الامن في 2011 في ليبيا بل "الحؤول دون ان يقود المهربون عددا من الاشخاص الى الموت". وحذر دبلوماسيون وخبراء من ان عملية عسكرية ضد المهربين هي "معقدة وتستغرق وقتا وتستوجب تفويضا من الاممالمتحدة وموافقة من الحكومة الليبية واستخدام وسائل عسكرية وتقبل وقوع خسائر بشرية". ومقابل هذه المواضيع التي تم الاتفاق عليها فشلت القمة بالمقابل في الاتفاق على الشق الثالث من خطة العمل وهو استضافة المهاجرين غير الشرعيين وكيفية التعامل معهم بعد وصولهم الى اوروبا. وكانت الخطة تقترح على الدول استضافة "خمسة الاف شخص على الاقل" ممن حصلوا على صفة لاجئ، وذلك في اطار برنامج مخصص بالدرجة الاولى للاجئين السوريين بهدف ثنيهم عن محاولة عبور المتوسط. غير ان البيان الختامي للقمة خلا من اي اشارة الى هذا الرقم او الى اي رقم آخر "لاننا نعتقد ان خمسة آلاف ليس كافيا"، كما اوضحت المستشارة الالمانية، علما ان مشاركة دول الاتحاد في هذا البرنامج طوعية وليست اجبارية. من جهته قال هولاند ان "فرنسا ستتحمل قسطها" اي انها ستستضيف "ما بين 500 الى 700 لاجئ سوري". وابدى يونكر اسفه لهذا الواقع، وقال "كنت آمل لو كان هناك طموح اكبر"، علما ان رئيس المفوضية الاوروبية كان يدفع باتجاه ان يشمل البرنامج استضافة 10 الاف لاجئ على الاقل. ويدعو الاقتراح الدول الاعضاء في الاتحاد الى مساعدة ايطاليا واليونان ومالطا، الدول الثلاث الرئيسية التي تستقبل مهاجرين ينطلقون من السواحل الليبية، على تسجيل الوافدين وفرز من يمكن من بينهم الاستفادة من حق اللجوء ومن سيعاد الى بلاده. لكن هذا الامر دونه اتفاق دبلن 2 الذي يوكل هذه المهمة الى الدولة التي يصلها المهاجرون. واعترف رئيس الوزراء الايطالي ماريو رينزي ان "كثيرين يقولون انهم مستعدون للمساعدة ولكن لا احد يمكنه اجبار دولة على القيام بذلك". وقد حاول رينزي، الذي كان هو من طلب عقد هذه القمة، ان يخفي خيبة امله ازاء هذا الواقع وقال "للمرة الاولى لدينا نهج منظم. المفوضية الاوروبية ستقدم اجندتها للهجرة في 13 ماي والموضوع سيبحث مجددا خلال القمة المقبلة في حزيران/يونيو. هذا الامر يتيح المجال امام حصول مبادرات". واضاف "سنرى في الاسابيع المقبلة والاشهر المقبلة ما اذا كنا قادرين على الانتقال من الاقوال الى الافعال". من جهته اعلن رئيس الوزراء المالطي جوزف موسكات ان الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي سيعقدان قمة في مالطا للبحث في مسألة الهجرة غير الشرعية. وقال موسكات في تغريدة على حسابه على موقع تويتر ان القمة ستعقد "في وقت لاحق من هذا العام" وسيشارك فيها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي و"دول اساسية"، بينما لفت هولاند الى ان هذه القمة المشتركة قد تعقد "في الاسابيع المقبلة للعمل سويا". من ناحيتها دعت السلطات الليبية المعترف بها دوليا، وتلك غير المعترف بها، الاتحاد الاوروبي الى تقديم الدعم للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية في وقت بحث فيه الاوروبيون خلال قمتهم الطارئة الخميس احتمال القيام بعملية عسكرية ضد المهربين في ليبيا.