مراكش/29 مارس 2015/ومع/ التقى ثلة من المفكرين والفنانين وممثلي مؤسسات ثقافية، السبت بمراكش، للإعلان عن إحداث مؤسسة فريد بلكاهية، التي تعتبر مبادرة ترمي إلى إدامة إشعاع منجز هذا الفنان الذي يعتبر من رواد الفن المعاصر بالمغرب. وأصبح الراحل فريد بلكاهية، رائد الفن المعاصر والحديث بالمغرب، في وقت مبكر وبفخر والتزام، سفيرا للاستمرارية الفنية للبلاد حيث جعل من الربط بين التقليد الأساسي والمعاصرة محور تفكيره. وقد أحدث الراحل " ثورة" في الفن المعاصر العربي والإسلامي، وفرض نفسه كفنان دولي حظي باعتراف العديد من جامعي الأعمال الفنية والمتاحف سواء في العالم العربي أو أوروبا والولايات المتحدة. وتسعى المؤسسة لضمان إدامة إشعاع أعمال هذا الفنان من خلال التركيز على أعمال تنتمي لمختلف المراحل والبحث في منجزه من خلال تقديم منح للطلبة والباحثين. وقالت رئيسة المؤسسة رجاء بنشمسي إن "هذا المشروع كان حلما يراودني منذ 15 سنة غير أن فريد بلكاهية لم يكن يجرؤ على إنجازه قيد حياته، فقد اتفقنا على أن أقوم بتحقيقه إذا لم أرحل أنا الأولى عن هذه الحياة". وأضافت في شهادة في حق الراحل حول حياته وأعماله التي تشكل مفخرة في تاريخ الفنون التشكيلية المغربية، أن مؤسسة بلكاهية وفي احترام لروح الراحل، تعبر مبادرة تهدف إلى حماية تراث ثقافي متميز وضمان إشعاع منجز فنان تشكيلي كبير ساهم في نشر وإبراز الفن المغربي المعاصر عبر العالم. وقالت إن إحداث هذه المؤسسة يمليه واجب الذاكرة اتجاه هذا الفنان التشكيلي الكبير نظرا لنضاله من أجل إعادة إدراج الهوية المغربية في تدريس الفنون التقليدية بالمغرب التي تم إضعافها من طرف الحماية ضمن التعليم الأكاديمي للفنون، وكذا صيانة التراث الثقافي للمملكة في تلك الحقبة. وأشارت إلى أن بلكاهية كان منشغلا منذ سنوات الخمسينات بمسألة تتعلق بكيفية أن يكون فنانا معاصرا ويتجاوز هيمنة ثقافة الاستعمار ويحافظ على تقاليده وهويته، مبرزة أن الراحل استطاع أيضا ، من خلال منجزه، المزج بين الحداثة والأصالة في أسلوب فريد أضحى ذو إشعاع دولي. من جانبه، أشاد جون هوبيرت مارتان، مندوب معارض والمدير السابق لمركز جيورج بومبيدو، بهذه المبادرة التي ستضمن استمرارية أعمال فنان كبير ابتكر أسلوبا تشكيليا استثنائيا ومعرفة عميقة بالتراث الثقافي المغربي والإفريقي . بدوره، تطرق حميد تريكي، المؤرخ والمختص في التراث المغربي، للجانب النضالي في منجز بلكاهية الذي كان يشكل تعبيرا عن رفض فكرة المغرب المبتور من جذوره الثقافية خلال فترة الاستعمار وفجر الاستقلال. وأبرز أن الفنان الراحل ، الذي كان يتسم في عمله الفني بالصرامة والبحث المستمر، استطاع من خلال أعماله، إبراز الهوية والتقليد والتراث المغربي الممزوج بالحداثة وكذا انفتاحه على العالم. من جهته، تناول ألكسندر كازيروني، مختص في علم السياسة وفي الفن المعاصر بالعالم العربي، الجانب المتعلق بانفتاح هذا الفنان، الذي ذاع صيته بمختلف مناطق العالم، على مختلف الثقافات. وقال إن منجز فريد بلكاهية يجسد هذا الانفتاح على الآخر، كما شكل شهادة حية على الحقبة التي عاش فيها من خلال أعمال تؤرخ لأحداث تاريخية وتدين العنف الممارس على الإنسان. ويعد فريد بلكاهية، المزداد في 15 نونبر سنة 1934 بمراكش، من أبرز رواد الفن المغربي المعاصر. وعمل الراحل مدرسا بورزازات قبل أن يشد الرحال إلى باريس لدراسة الفن بمدرسة الفنون الجميلة من 1955 إلى 1959، كما تلقى تكوينا ما بين 1959 و1962 في فن ديكور الخشبة بالمعهد المسرحي لبراغ بتشيكوسلوفاكيا التي عمل فيها مذيعا، قبل أن يستكمل تعلمه بأكاديمية بريرا بميلان. ولدى عودته إلى المغرب شغل بلكاهية، الذي يعتبر من أبرز الفنانين التشكيليين في إفريقيا والعالم العربي، منصب مدير مدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء ما بين 1962 و1974. وتميزت أعماله في مجال النحاس والجلد كما عمل على النحت، ونظم عدة معارض دولية. كما عرف الراحل بعشقه للسينما حيث ارتبط بعلاقة صداقة مع فنانين من هذا الوسط، كبيير براسور ثم في ما بعد، براوول رويز الذي أنجز سنة 1985 فيلما تسجيليا عن مساره الفني بعنوان "بايا وطالا أو دار فريد بلكاهية".