للفرنسيين مثل لطيف يقولون فيه إن من يسرق بيضة يسرق ثورا. في القافية الفرنسية البيضة والثور – رغم اختلاف الحجم بينهما – ينتهيان بنفس النهاية "الأوف": L'OEUF ET LE BOEUF في المغرب لانقول شيئا. نسكت. نصمت. نخرس، نتفرج على كثير الأمور والخسائر وهي تكتب في كل مكان، ونمضي. لذلك وعندما قال القائل إن الوالي العدوي بلغت عن خادمتها التي سرقت منها كيلوغرامين من اللحم، صدق الكل الحكاية، رغم أنها بعيدة عن العقل تماما، ورغم أن "جوج كيلو ديال اللحم" لن تكون سببا بالنسبة لوالية مثل العدوي لكي تذهب حتى المحكمة. الكل أدان الوالية، والكل تضامن مع الخادمة، بل حتى الإخوة المناضلون "اللي على بالكم" كتبوا المعلقات البكائية عن البلد الذي يسجن خادمة سرقت لكي تسد رمقها ولكي تطفئ جوعها ولكي لاتموت سغبا. فيلم هندي وخلاص. لماذا؟ لأن الحكاية ليست نهائيا مثلما رويت، ولابد من بعض التوضيح… الحكاية الأخرى، تلك التي لن تروق للجموع، تقول أمورا ثانية: أولى هاته الأمور هي أن الخادمة التي لاتجد ماتسد به رمقها تتقاضى مبلغ 6000 شهريا من لدن الوالية. لنعترف أنه من الصعب أن تحس بالجوع في المغرب وأنت تتقاضى مبلغا مثل هذا. الحكاية الثانية تقول إن المتابعة لم تتم عن طريق الوالية ولكن تمت عن طريق النيابة العامة، وأن سبب المتابعة الرئيسي لم يكن الكيلوغرامين المسكينين من اللحم، ولكن كان هو وضع بيت الوالية الذي يعد بيتا حساسا ويتضمن عديد الوثائق التي تهم ولاية القنيطرة كلها، وأن من بلغ عن السرقة هم حراس البيت الوظيفي الذي تقطن فيه الوالية. الحكاية الثالثة تقول إنه وبمجرد أن ثبت أن الخادمة لم تسرق وثائق أو أوراقا حساسة من البيت وأن كل ما أخذته هو بعض اللحم وبعض الأثاث تم التخلي عن متابعتها. الحكاية الرابعة تقول إن زينب العدوي تزعج العديدين، وأنها جدية أكثر من اللازم بالنسبة لمن ألفوا الفوضى و"التفلية" في كل شيء، لذلك كان لابد من العثور لها على شيء ما يمس صورتها أمام الناس. الحكاية الخامسة تقول إن اللحم في المغرب سيصبح بعد أيام في متناول الكل. العيد الكبير على الأبواب والجميع سيذبح. الجميع سيجد بعض البروتينات في ثلاجته أو داخل "الكونجيلاتور". أرطال "القديد" ستعتلي الأسطح ورائحتها ستزكم الأنوف، تماما مثلما تزكم رائحة غير طيبة كثيرا أنف الصحافة المغربية التي تنساق لوحدها ودون أي سائق في بعض الأحايين إلى أمور عجيبة تدل على مستواها أو لنقل على مستوى بعضها على الأقل. في النهاية، يقول الفرنسيون : من يسرق بيضة يسرق ثورا، لكن هل نريد في المغرب يوما أن نعاقب كل السراق؟ سراق واحد ندهسه بأرجلنا في هذا البلد هو "سراق الزيت". البقية لا أحد يهتم بهم. لذلك ارحمونا رجاء من كذبكم، وقولوا للناس مايجري حقا أو اصمتوا وأنتم تلتهمون لحم هذا البلد حيا وتبيعونه مقابل بعض الدنانير… زاوية تقترفها : سليمة العلوي