جلس الشيخ حمزة يوم السبت المنصرم ممددا فوق سريره بقرية مداغ نواحي بركان يتأمل مليا في رد يليق بالخطوة التي أقدم عليها ملك البلاد باعلانه عن دستور جديد لبلده المغرب، فاستقر رأيه «بعد أن تلقى إذنا ربانيا» على تنظيم مسيرة بالدارالبيضاء يحضرها فقراء الطريقة من كل ربوع أقاليم المملكة. في تلك الأثناء حمل سماعة الهاتف ليتصل بمقدم الزاوية بالدارالبيضاء الحاج محمد الزهاري، ليخبره بتعليمات ربانية تلقاها على الفور تقضي بتنظيم مسيرة حاشدة يوم السبت الموالي يشارك فيها أكبر عدد من فقراء الطريقة القادرية البوتشيشية بالداخل والخارج. حينها كان عدد منهم جالسين في بيت ألفوا الإعتكاف فيه بشارع باشكو حي باشكو بالميتروبول الإقتصادي. منذ تلقيه التعليمات من الشيخ حمزة بدأت الإستعدادات على قدم وساق، بدءا من الإتصال بالسلطات المحلية للحصول على ترخيص لهم بتنظيمها وتحديد مسار لها. مشاروات عديدة تمت بمقر ولاية الدارالبيضاء مع المسؤولين المحليين أفضت للإتفاق على تنظيمها يبوم الأحد بدل السبت و الإنطلاق من نفس المكان الذي انطلقت منه المسيرة المنظمة ضد الصور التي أراد منها الإعلام الإسباني الإساءة للمغرب بعد أحداث اكديم إزيك. أنهى الحاج الزغاري ومعه عدد من المسؤوليين المحليين أولى الترتيبات، بدأوا في التحضير لكيفية استقبال المريدين بالقرب من السوق التجاري مرجان بشارع محمد السادس قبل الإلتحاق بمسار المسيرة بنفس الشارع ثم نحو شارع الفداء أو على مقربة من القصر الملكي. توقعات الزغاري ومعه اللجنة المنظمة تشير إلى حضور أزيد من مائة ألف مشارك من جميع ربوع المملكة سيتم استقبالهم في الساعات الأولى من يوم الأحد، قبل أن تنطلق المسيرة حوالي الساعة التاسعة صباحا. وبينما تجري الإستعدادات في الدارالبيضاء، شرع المسؤولون المحليون في الزاوية التحضيرات لتوفير وسائل النقل للمريدين. في وجدة وحدها يتوقع حضور 17 حافلة، وأزيد من 2000 مريد سيستقلون القطار لعدم وجود وسائل نقل لإيصالهم من عاصمة الشرق نحو العاصمة الإقتصادية. فيما تمت تعبئة أزيد من 200 حافلة بالدارالبيضاء لوحدها لنقل المريدين من مختلف الأحياء. وذات الأمر في بقية المدين بالجنوب والشمال. دون نسيان إحداث لجنة تنظيمية ولجنة أمن خاص من شباب الطريقة ستكون مهمتها تأطير الفقراء، وضمان السير العادي للمسيرة. «كل المسؤولين أعطيت لهم تعليمات ليشارك أكبر عدد ممكن من فقراء الطريقة» يقول الحاج الزهاري، ويضيف أن الطريقة ستحرص على إيصال رسالة واحدة ووحيدة وهي «استتباب الأمن في المغرب وتوحيد الجهود لضمان الإستقرار والإبتعاد عن الفتنة»، ويضيف بلغة حازمة «إن الدستور الجديد فيه عدد من الإيجابيات والجميع ينوه بمبادرة الملك، وكمغاربة ومسلمين علينا أن تكون لدينا غيرة على بلادنا»، وبحرص شديد يصر على التأكيد أن « المسيرة ليست موجهة ضد أحد» وأن الله كما قال « أكرمنا بملك شاب غيور يحب بلده وعلينا مد أيدينا له». الزهاري ومعه فقراء الطريقة سيحملون عشرات اللافتات التي كتاب عليها شعارات موحدة ك «الطريقة القادرية البوتشيشية تصوت بعم للدستور»، و«التصويت للدستور تجديد للبيعة» و«شباب الطريقة البوتشيشية يؤيدون الدستور» وغيرها. كتيبات اللطيف سيتم توزيعها على المشاركين، وستتم تلاوة الدعاء الناصري والمنفرجة كما هو معهود أثناء جلسات الفقراء وما يتلوها من أذكار. قبل أن يتلقى شيخ الطريقة سيدي حمزة الإذن بتنظيم المسيرة، كان فقراء الطريقة قد أنهوا السبت المنصرم ما يسمونه «صدقات» في المغرب كله. ذاك طقس دأبوا عليها منذ أسبوعين وقبل قيام الثورة التونسية، فالشيخ أمر مريديه بالإستعداد بالأذكار والصدقات لحفظ أمن البلاد، ففي كل زاوية كونت لجان ضمت فقراء الطريقة، وتم حثهم على تلاوة أذكار خاصة تدعو لحفط الملك والبلاد وجمع شمل المغاربة وابعاد الفتنة عن البلاد، وتستمر لثلاث ساعات يوميا. حرص الشيخ حمزة على أن يلتئم مريدو طريقته يوميا في مجالس الأذكار بكل جهات المملكة. حوالي مائة سلكة للقرآن تمت تلاوتها إلى جانب دليل الخيرات والأوراد وقراءة اللطيف الكبير وختم البخاري، كل ذلك للدعاء لضمان «الإستقرار في البلاد وحفظها من الفنتة»، وكما يقول مقدم الطريقة الشيخ الزهاري «لعن الله من أيقظها»، وهي الفتنة التي ينتظر شيخ الطريقة ومعه مريدوه اخمادها في مسيرة الأحد.