بعد أصحاب البذلات السوداء الذين قرروا نزع بذلات الدفاع واستبدالها ببذلات الهجوم ابتداء من هذا اليوم الاثنين جاء دور المواطنين الذين وبعدما بلغ السبل الزبى بدءوا في ترديد: «اللهم إن هذا منكر».عقد من الزمن ظلت فيه «ميلودة» القاطنة بحي سيدي عثمان بالدار البيضاء تعاني وتتألم بعدما أثقل الزمن وخدمة البيوت كاهلها وهي السيدة ذات الأريعين سنة المطلقة منذ عدة شهور. خلالها لم تتوصل بنفقة أبنائها من طليقها لعطالته الدائمة. كانت تتعرض للضرب والشتم من قبل زوجها السابق علىمرأى ومسمع من أطفالها والجيران ولمدة تربو على شهور كلما توجهت رفقة عون المحكمة لتنفيذ حكم النفقة على زوجها السابق. آخر محاولة من محاولاتها أعتقلها أبو أولادها في إحدى الغرف وهددها بالتصفية كي تتنازل عن مطالبته الدائمة بتأذية ما بذمته تظاهرت عزيزة بالموافقة وفرت مع أطفالها، ولم تكف عن طرق كل الأبواب من جمعيات وغيرها. لم تجد في النهاية إلا القدوم إلى محكمة الألفة بالبيضاء صبيحة الجمعة الماضية للبحث عن مآل ملفها. بدأت «ميلودة» في الانتقال من هذا المكتب إلى ذاك، لكنها لم تكن تجد أمامهاإلا الكراسي الفارغة. إحدى النساء الآخريات التي جاءت بدورها لرفع دعوة ضد طليقها سئلت عزيزة: «مالذي يجرى؟» قبل أن يتطوع أحد الأعوان بالإجابة أن الموظفين منهمكون في وقفة احتجاجية أمام المحكمة المئات من أمثال «ميلودة» الذين حضروا صباح الجمعة المنصرمة إلى مقر محكمة الألفة لإنجاز أغراضهم لم يجدوا إلا كلمة واحدة يرددها أعوان المحكمة: «سيروا حتى لنهار الجمعة لخرا» في ذات الوقت الذي كان العشرات من كتاب الضبط ينظمون وقفة احتجاجية أمام باب المحكمة. استياء المواطنين بلغ ذروته ولم يكن منهم إلا دق باب المسؤول الأول في المحكمة الذي ردعليهم «مابديا ماندير»، المتقاضون استشاطوا غضبا وخاطبوا كتاب الضبط المحتجين: «باراكاعلينا من الإضراب» قبل أن يدخل الاثنان في حوار صم بينهما حالة استياء متقاضو محكمة الألفة الجمعة الماضية لم يكن إلا جزءا من كل يعم المواطنين في مجموع التراب الوطني الذين أعياهم «سيرواجي» لأسابيع نتيجة استمرار الإضرابات الوطنية التي شلت مجموع محاكم المملكة في الأسابيع الثلاثة الماضية وآخرها إضراب هذا الأسبوع الذي يبتدأ اليوم الاثنين باعتصام داخل محاكم المملكة من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الرابعة بعد الزوال يعقبه خوض إضراب وطني لمدة 72 ساعة أيام 14-15-16 يونيو 2011 . معاناة المواطنين لايبدو أنها ستعرف انفراجا في المستقبل بعد تأكيد النقابة الديمقراطية للعدل أن أن شلل المحاكم سيستمر في الأسابيع وربما الشهور القادمة وحملت النقابة مسؤولية ذلك إلي الوزارة الوصية والحكومة علي حد السواء التي تراجعت عن الوفاء بالتزاماتها حول مااتفق عليه بين النقابة والوزارة في اتفاق 14 فبراير 2011 من إخراج نظام أساسي لكتاب الضبط في متم شهر أبريل الماضي. هذا الأمر لم يتم حتى الآن، في ظل المستجد والذي ينبأ بصيف ساخن بين كتاب الضبط ووالوزارة الوصية والحكومة بعد بلاغ المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل الصادر بعد اجتماعه العاجل بالرباط أول أمس السبت بعد علم النقابة بتطورات مناقشة مشروع القانون رقم 34.10 المغير و المتمم لظهير التنظيم القضائي أمام لجنة العدل و التشريع بمجلس النواب. التعديلات التي تم ادخالها على الصيغة المقدمة من طرف الحكومة، تضمنت «هجوما ضمنيا و غير مسبوق على جهاز كتابة الضبط بل و انتهاكا سافرا لحرمة المهنة و المنتسبين لها من موظفات و موظفي الهيئة»، كما جاء في بلاغ للنقابة الديمقراطية للعدل. وأضاف بلاغ النقابة « أننا فوجئنا بالتعديلات المصادق عليها و التي تمت باقتراح من الفريق الاستقلالي و بتواطئ من وزارة العدل، و يقضي هذا التعديل باتاحة امكانية تعويض كاتب الضبط كعضو بالهيئة في حالة غيابه بأي مواطن من الحضور بعد أن يؤدي اليمين أمام القاضي التعديل الخاص بكتاب الضبط تم اقراره بالأجماع من قبل لجنة العدل والتشريع ومن المنتظر أن يلقي نفس الإجماع عليه في الجلسة العامة لمجلس النواب غدا الثلاثاء. الاضرابات المتتالية في المحاكم وظهور بوادر تكرار سيناريو السنة الماضية التي شلت فيها اضرابات كتاب الضبط محاكم المملكة لشهور نتج عنها تراكم آلاف الملفات وخسائر بملايين الدراهم لم يتضرر منها المواطنون بل امتدت أثارها السلبية إلى أصحاب البذلات السوداء الذين يتهدد الآلاف منهم التشرد بعد الخسائر التي راكموها والضرائب الثقيلة التي ينتظر منهم تأديتها إلى مصالح وزارة المالية. ضرر المحامون عن أوضاعهم سيتحول من الاحتجاج إلى الفعل وأولى محطات ذلك تبتدأ صبيحة هذا اليوم بحمل الشارات والوقف ساعة عن العمل يعقبها وقفة احتجاجية أمام البرلمان في 24 يونيو القادم لتحميل المؤسسة التشريعية جزءا من المسؤولية في مايجري ولن يقف الأمر عند ذلك بل تقدمت جمعية هيئة المحامين بالمغرب بطلب عقد لقاء مع الوزيرالأول في محاولة لإيجاد حل