اختارت أن تسبح عكس التيار. وبدل أن تضع موهبتها الغنائية في خدمة موسيقاها الغربية، التي تشرّبتها منذ الصغر وشبّت بين نوتاتها وتوقيعات آلاتها، سافرت بوجدانها وصوتها إلى الشرق العربي، حيث الموسيقى غناء وطرب ورقص شرقي وليالي سمر وانتشاء. ورغم أنها لم تقض سوى ثلاثة أعوام في تعلم الموسيقى العربية عبر قاماتها الشاهقة فقد أبهرت مشاهدي برنامج المسابقات "أرابز غوت تالنت" على شاشة "إم بي سي". ومثلما مارست الموسيقى العربية سحرها على هذه المغنية الأمريكية الشقراء ذات ال 23 ربيعا، فقد عرفت هي الأخرى كيف تعدي بهذا السحر لجنة التحكيم والجمهور، الذي حملها عبر رهانه وتصويته عليها إلى نهائي المسابقة. جنيفر غراوت راهنت بدورها على "ذكائها الموسيقي" وهي تغني في البرايم الأول لكوكب الشرق رائعتها "بعيد عنك" عازفة في الوقت ذاته على آلة العود التي انجذبت إليها وسرعان ما تعلمتها. ومثلما أجمع حكام "أرابز غوت تالنت"، فهذه الموهبة الغنائية تشكل ظاهرة حقا. لقد دأب أغلب المغنين العرب على أداء روائع الموسيقى الغربية في انبهار بنجومها. غير أن جنيفر غراوت، التي شرعت في دراسة وتعلم الموسيقى الغربية في الخامسة من عمرها، تعلقت بالموسيقى العربية وقررت أن تحقق شهرتها العالمية عبر بوابة الشرق. تقول في حوار معها «عندما سمعت الموسيقى العربية الشرقية للمرة الأولى دخلت قلبي وسحرتني، أيقظت شيئا ما في داخلي، في روحي، وشعرت بأنه عليّ تعلم أسس هذا الفن وأصوله والغوص أكثر في هذا العالم». اللافت في سيرة جنيفر أنها من أسرة كل أفرادها يمتهنون الموسيقى. فوالدها عازف كمان ووالدتها عازفة بيانو في حين أن شقيقها "دي دجي". غير أنها تنفرد عنهم بالغناء. وقد تعلمت الموسيقى العربية على كبار أصواتها وشاهق مقاماتها من أمثال أم كلثوم المشغوفة بها، ووديع الصافي وفيروز وأسمهان وزكريا أحمد والموسيقار محمد عبد الوهاب. ورغم أنها لا تفهم العربية ولا تتكلمها فهي حريصة على معرفة معاني كلمات أغانيها حتى تكون صادقة في تأديتها والإحساس بها وهو ما تجلى بوضوح في مرورها التلفزي. سيرة هذه الموهبة لا تكتمل دون إلقاء الضوء على وجهها المغربي. نعم. جنيفر غراوت تعيش هنا في هذا البلد الذي تنتهي عنده الشمس الغاربة في مدارها اليومي. وهي تتكلم الدراجة التي لم تجد صعوبة في تعلمها عكس ما لاقته مع اللهجتين المصرية واللبنانية. وقبل أن تغني "عربي" جربت صوتها الدافىء والصافي في الغناء الأمازيغي. كما تولّهت بالكسكس المغربي وأطلقت لموهبتها العنان في ساحة جامع الفنا. عبد العالي دمياني