قضية الصحفية هاجر الريسوني، هي قضية مواطنة فتحت النيابة العامة بشانها بحثا قضائيا. وهي متابعة بمعية رفيقها المواطن من جنسية سودانية من أجل علاقة جنسية خارج إطار الزواج نتج عنها حمل غير شرعي، فيما توبع طرف ثالث وهو طبيب بتهمة الإجهاض. القانون يجرم العلاقة الجنسية خارج مؤسسة الزواج، ويجرم الإجهاض، وإذا كان لابد من اتخاذ موقف في هذه القضية، فاللوم موجه إلى القانون وليس إلى الجهة المكلفة بإعمال القانون. ومعلوم أن من يضع القانون هم السياسيون، وليس السلطات الأمنية أو القضائية من يشرع القوانين، هذه الجهات هي ملزمة بإعمال القانون وتطبيقه على الجميع بدون استثناء. علينا الحسم والقول إن سبب إيقاف هاجر الريسوني لم يكن لصفتها المهنية، أو بسبب مواقفها أو كتاباتها التي يصفها البعض ب"الجريئة". لم يكن دافع الايقاف هو التضييق على الصحافة وعلى حرية التعبير والرأي. في المقابل، لا يشكل تضامن الصحافيين مع زميلتهم نشازا، فدوافع الزمالة والصداقة تفرض ذلك. لكن النشاز هو ذاك الصادر عن بعض المحسوبين على المجتمع الحقوقي، وعلى المجتمع السياسي، الذين صادقوا، من خلال ممثليهم في البرلمان، على مثل هذه القوانين، اولائك الذين يتصيدون مآسي الناس ليتخذوها فرصة لتصفية حساباتهم الخاصة جدا جدا مع جهة أو جهات من الدولة. اولائك الذين يصفون حساباتهم الخاصة وينفتون حقدهم الخاص جدا، باسم الشعب وبعبارات مسروقة من مجلدات حرية التعبير والرأي وحقوق الإنسان. اولائك الذين يتصيدون مآسي الناس ليرفعوا لافتات مظلومياتهم الخاصة جدا والانانية جدا، فيصعدون ويطؤون على ظهور واعناق أصحاب المآسي لتعلو لافتاتهم أكثر، ليشككوا في كل شيء ولينموا الحقد على كل شيء. اولائك الذين يصرون على تمييع كل شيء، وتمييع مبادئ حقوق الإنسان وحرية التعبير والرأي. يصرون على أن يقتنع العامة والخاصة بأن حقوق الإنسان وحرية التعبير والرأي يعطون الحق في خرق القانون، وأن مبدأ الحريات الشخصية "تضمن" حق ارتكاب الجنح والجنابات. أصبح مفهوما أن حملات التشكيك في القضاء وفي المؤسسات هي الطريقة المتبقاة للعدميين ولبقايا حاملي شعار "تأبط شرا" ولأيتام نظرية "الفوضى الخلاقة".