من القصص الشيقة المرتبطة بالعاملين في قطاع الصيد البحري قصة الحاج الحسين السوسي الذي انتقل من الجزائر إلى المغرب ومن قطاع الصحة إلىقطاع الصيد، قصة بدأت عندما رأى الحاج الحسين النور سنة 1931 بالجزائر، حيث كانت تقطن عائلته وأهله في منطقة وجان بأكادير، وعندما انتقل إلى المغرب في مهمة مع الهيئة العالمية للصحة التي كانت تقوم بحملة طبية بحي إحشاش بأكادير، ويتعلق الأمر بانتشار مرض السيفليس المتنقل جنسيا، وتم الاتصال ساعتها بالباشا بونعماني الذي كان باشا على مدينة أكادير خلال فترة 1955 وبحكم الأجواء المشحونة التي يعرفها المغرب ساعتها، فقد طلب الباشا أن تتم الاستعانة ببعض أعيان المدينة من أجل تسهيل التواصل مع الساكنة، وكان من بينهم الحاج أحمد أخنوش والد وزير الفلاحة والصيد البحري، وتم أخذ عينات من المرضى وبعد فحصها يتم تقديم العلاجات للمرضى وأسرهم من أجل الحد من انتشار هذا المرض، وعندما سقطت مدينة أكادير بسبب الزلزال كان الحاج الحسين السوسي يعمل في مستشفى «موريزكو» بالدارالبيضاء حيث كانت الطائرات الأمريكية تنقل الضحايا من المطار العسكري ببنسركاو إلى الدارالبيضاء من أجل تلقي العلاجات الضرورية. بعد خمسة أيام من وقوع الزلزال نودي على الحاج الحسين السوسي كي ينتقل ضمن طاقم طبي إلى مدينة أكادير للمشاركة في الجهود الطبية من أجل تخفيف المعاناة على الساكنة فتم نصب خيام على شاطئ مدينة أكادير حيث كانت البعثة الطبية مستقرة، وقد تم ذلك بتنسيق مع السلطات الإقليمية حيث كان العامل الصفريوي على رأس العمالة ليخلفه بعد ذلك العامل بنهيمة وكان هناك إلى جانب المركز الطبي المغربي مستشفى ميداني آخر تابع لبعثة إيطالية وكذا المستشفى المتنقل التابع للجيش الملكي، وكان بعض المرضى ينقلون إلى مراكش من أجل استكمال العلاج. وقد نصب الحسن الثاني ساعتها خيمته قرب المكان الموجود حاليا قرب السجن المحلي بإنزكان وكان يتابع جميع العمليات الميدانية وقد شارك في هذه الحملات الطبية لإغاثة منكوبي الزلزال أطباء من كل الجنسيات عربية وأجنبية. وفي سنة 1962 انتقل الحاج الحسين بشكل نهائي للعمل في القطاع الصحي بمدينة أكادير، وكانت المدينة في فترة البناء حيث تتم إعادة إعمارها، وكان الحاج الحسين السوسي ينزل من حين لآخر إلى المرسى، وهناك بدأت علاقته برجال البحر تزامنا مع بداية الانتعاش في الميناء والخروج من صدمة الزلزال. وكانت بواخر صيد إسبانية تحل بالمرسى وتقوم بالصيد حيث لم تكن ساعتها أي اتفاقية تربط بين المغرب واسبانيا. «حاسي بيضة 1» كان اسم أول قارب صيد دشن به الحاج الحسين عالم البحر مع شريكه السيد البغدادي، وقد جاء اختيار هذا الاسم تيمنا بالمعركة التي انتصر فيها المغاربة على الجزائر فيما يسمى ساعتها حرب الرمال بين المغرب والجزائر. لم تكن ساعتها قد تأسست بعد وزارة الصيد وكان ممثلو مهنيي البحر يجتمعون بمقر وزارة التجارة، حيث يجتمع أرباب المراكب رفقة أرباب المعامل في اجتماع واحد لمناقشة أهم الأمور المتعلقة ببداية موسم الصيد إلى أن تم تشكيل الوزارة بشكل منظم ومستقل عن قطاع التجارة ولم تكن ساعتها هناك غرف الصيد البحري، بل كانت هناك جمعيات تمثل البحارة وأرباب المراكب وقوارب الصيد البحري. ويحكي الحاج الحسين أن تعداد الهيئات والأجهزة التي تهتم بقطاع الصيد زاد من ركود الوضع وكثر الخلاف في العديد من القضايا، وقال على أن اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والإتحاد الأوربي ساهمت بشكل كبير في تأهيل القطاع حيث تم فرض مجموعة من الشروط على أرباب المراكب من أجل تجديدها وكانت أكادير عاصمة للسردين بعد تراجع أسفي بحيث كان ميناء أكادير يعرف صيد كميات هائلة من الأسماك السطحية عموما وسمك السردين خاصة. و تحسر السوسي على الوضع الذي وصلت إلى الثروة السمكية التي تراجعت بشكل كبير، حيث أصبح البحارة يضطرون إلى الإبحار إلى طانطان والعيون من أجل الاصطياد ومع العمل بالراحة البيولوجية أصبح ميناء أكادير يستقبل المراكب من أجل الصيانة والتجديد حيث نشطت حركية الصناعات المرتبطة ببواخر الصيد في الميناء، إلى أن تحولت أكادير إلى منطقة منكوبة حيث تم استهلاك جميع المخزونات المصنفة، سواء منها المخزون المرقم «س» و«ب» وهي المناطق التي يتم فيها تفريخ الأسماك السطحية وعلى رأسها السردين وكان البحارة يفرضون راحة بيولوجية خاصة بالسردين من أجل الحفاظ على هذه الثروة وقد ساهم إلغاء الراحة البيولوجية للسردين في استنزاف هذه المخزونات مما يهدد هذه الثروة بالانقراض.