من المرتقب أن تعصف قرارات العزل وطلبات الاستقالة بعدد من المنتخبين في جماعات ترابية بالمملكة، وذلك على خلفية تورطهم في حالات التنافي بعد استفادتهم من عقود كراء ممتلكات جماعية. وحسب ما أوردته مصادر مطلعة، فإن غالبية حالات التنافي رصدتها وزارة الداخلية، بناء على أبحاث موسعة أطلقتها المفتشية العامة للإدارة الترابية خلال وقت سابق، موضحة أن هذه الأبحاث المرفوعة إلى الإدارة المركزية حددت هوية المستشارين الجماعيين المستفيدين من ممتلكات جماعية بواسطة عقود كراء واستغلال طويلة الأمد بسومة مالية منخفضة. وأوضحت ذات المصادر أن العقود التي ورطت هؤلاء المنتخبين هي عبارة عن محلات تجارية ومبان وقطع أرضية، ودعم لفائدة جمعيات يدبرونها بشكل شخصي أو عبر أقاربهم، وهو الأمر الذي استنفر وزارة الداخلية. ووفقا للمصادر نفسها، فقد توصل المعنيون بالأمر بطلبات استفسار حول وضعيتهم خلال الأشهر الماضية، قبل الشروع في تنفيذ قرارات العزل في حق بعضهم بناء على طلبات عمال عمالات، فيما فضل آخرون تقديم استقالتهم والمحافظة على حقوقهم في الاستفادة من الممتلكات المذكورة. ومن بين حالات التنافي التي رصدتها أبحاث المفتشية العامة للإدارة الترابية، استفادة جمعية تشغل فيها زوجة مستشار بجماعة ترابية بضواحي الدارالبيضاء منصب أمينة المال، من توقيع شراكة لتسيير النقل المدرسي واتفاقية لتدبير ورشة الحلاقة بمركز التنشيط الثقافي والاجتماعي مع المجلس المسير للجماعة نفسها. وإلى جانب ذلك، وقفت المفتشية على استفادة مستشار في جماعة أخرى من كراء عقار جماعي، رفض التخلي عنه لفائدة الإدارة الجماعية، وراكم متأخرات مالية مهمة بسبب عدم سداده السومة الكرائية المستحقة عليه. وفي مقابل ذلك، آثر مستشار آخر بجماعة ضواحي البيضاء تقديم استقالته إلى رئيس المجلس الذي هو عضو فيه بسبب استغلال محل تجاري في ملكية الجماعة عن طريق الكراء منذ 2006، مؤكدا أنه لم يكن يدرك عند تنصيبه أنه في حالة تناف، ليقرر الاستقالة فور توصله باستفسار في الموضوع. وتجدر الإشارة إلى أن مقتضيات المادة 65 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، تنص على أنه "يمنع على كل عضو من أعضاء مجالس الجماعة أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة أو مؤسسات التعاون أو مع مجموعات الجماعات الترابية، التي تكون الجماعة عضوا فيها، أو مع الهيئات أو مع المؤسسات العمومية أو شركات التنمية التابعة لها، أو أن يبرم معها أعمالا أو عقودا للكراء أو الاقتناء أو التبادل، أو كل معاملة أخرى تهم أملاك الجماعة، أو أن يبرم معها صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، أو عقود للامتياز أو الوكالة، أو أي عقد يتعلق بطرق تدبير المرافعة العمومية للجماعة". وتنص ذات المادة على أنه يمنع على كل عضو من أعضاء مجالس الجماعة "أن يمارس بصفة عامة كل نشاط قد يؤدي إلى تنازع المصالح، سواء كان ذلك بصفة شخصية أو بصفته مساهما أو وكيلا عن غيره أو لفائدة زوجته أو أصوله أو فروعه، وتطبيق نفس الأحكام على عقود الشركات وتمويل مشاريع الجمعيات التي هو عضو فيها".