حذرت منظمة الصحة العالمية من خطر تفشي مرض الكوليرا، بعد رصد مستويات مقلقة للإصابة في 30 دولة حول العالم. وحسب ما أوردته المنظمة، فقد تم تسجيل 40900 حالة إصابة مصرح بها بالكوليرا و775 حالة وفاة في شهر يناير وحده، منبهة إلى أن مخاطر تفشي المرض "مرتفعة للغاية". وتوزعت حالات الإصابة، حسب بلاغ للمنظمة، بين دول تقع في أربع مناطق حول العالم هي : إفريقيا، شرق المتوسط، الأمريكيتان، وجنوب شرق آسيا. وأوردت المنظمة أن زامبيا وزيمبابوي شهدتا أعلى معدلات تفشي المرض، معتبرة أن هذه المؤشرات تسلط الضوء على التحدي المستمر المتمثل في مكافحة الكوليرا وأهمية الجهود المستمرة في مجال الصحة العامة. حالة الطوارئ صنفت منظمة الصحة العالمية عودة ظهور الكوليرا على مستوى العالم كحالة طوارئ من المستوى الثالث في يناير 2023، وهو أعلى مستوى داخلي لحالات الطوارئ. هذا، وتواصل المنظمة تقييم المخاطر العالمية المرتبطة بالمرض على أنها "مرتفعة للغاية"، استنادا إلى عدد حالات التفشي وانتشارها الجغرافي، فضلا عن نقص اللقاحات والموارد الأخرى. وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن الاستجابة العالمية للكوليرا لازالت تتأثر بالنقص الحاد في اللقاحات الفموية، مبرزة أنه في الفترة الممتدة ما بين يناير 2023 إلى يناير 2024، زادت الطلبات العاجلة على اللقاح، حيث طلبت 14 دولة 76 مليون جرعة، بينما لم تتوفر سوى 38 مليون جرعة خلال هذه الفترة. طبيعة المرض وخطورته الكوليرا مرض شديد الضراوة ينتقل عن طريق تناول الطعام أو الماء الملوث، حيث يمكن أن تسبب الكوليرا إسهالا مائيا حادا ووخيما، ويمكن للأشكال الحادة من المرض أن تؤدي إلى الوفاة في غضون ساعات إذا تُركت دون علاج. ولا تظهر أي أعراض على معظم الأشخاص المصابين ببكتيريا ضمة الكوليرا، في حين تظهر على البعض أعراض تتراوح بين الخفيفة و المعتدلة، إذ يستغرق الأمر ما بين 12 ساعة و5 أيام حتى تظهر الأعراض على الشخص. هذا، ويرتبط انتقال الكوليرا ارتباطا وثيقا بقصور سبل إتاحة المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي، حيث تشمل المناطق المعرضة للخطر الأحياء الفقيرة في المناطق الحضرية، وكذلك مخيمات النازحين داخليا أو اللاجئين. وإلى جانب ذلك، يمكن أن تسفر العواقب المترتبة على وقوع أية كارثة إنسانية، مثل تعطل شبكات المياه ومرافق الصرف الصحي أو نزوح السكان إلى مخيمات غير ملائمة ومكتظة، عن زيادة خطورة انتقال الكوليرا إذا كانت بكتريا المرض موجودة فيها أو إذا وفدت إليها من مكان ما. تاريخ المرض انتشرن الكوليرا خلال القرن ال19 في جميع أنحاء العالم انطلاقا من مستودعها الأصلي في دلتا نهر الغانج بالهند، حيث ظهرت بعد ذلك ست جوائح من المرض حصدت أرواح الملايين من البشر في جميع القارات. وبخصوص الجائحة الحالية (السابعة)، فقد اندلعت بجنوب آسيا في عام 1961 ووصلت إلى أفريقيا في عام 1971 ثم إلى الأمريكتين في عام 1991، في حين تتوطن الكوليرا الآن داخل العديد من البلدان. ويعد العبء العالمي للكوليرا غير معروف إلى حد كبير لأن أغلب الحالات لا يتم الإبلاغ عنها، علما أن الدراسات السابقة قدرت تسجيل 2,9 مليون حالة إصابة و95,000 وفاة سنويا.