شهدت الأيام الأخيرة سيلا من الاتهامات الموجهة للمغرب بالتجسس على هواتف شخصيات كبيرة و صحافيين و رجال دولة داخل المغرب و خارجه، و لم يكن أحد ينتظر أن يكون التحقيق الاستقصائي الذي قام به تحالف من المؤسسات الإعلامية العالمية بكل هذا الزخم من التغطية الإعلامية، فبرنامج "بيغاسوس" الذي يتحدث عنه التحقيق في الواقع هو برنامج طورته شركة "إن إس أو"، الإسرائيلية المتخصصة في بيع برامج التجسس لملاحقة الإرهابيين والمجرمين. و جاء هذا التحقيق الذي نشره تحالف من المؤسسات الإعلامية العالمية، بما فيها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية و"الجارديان" البريطانية، بالتعاون مع منظمة العفو الدولية التي عملت على تحليل البيانات عبر مختبر الأمن التابع لها، بالإضافة إلى "فوربدن ستوريز" وهي منظمة صحفية غير ربحية تتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقرا لها. إلى ذلك، زعمت تقارير صحفية أن للمغرب دورا كبيرا في هذا الشأن، و هو ما سارعت الحكومة المغربية إلى نفيه مبدية استغرابها الشديد من ذكر صحف أجنبية ومنظمة للصحافة الاستقصائية أن المغرب قام باختراق أجهزة هواتف عدد من الشخصيات العامة الوطنية والأجنبية ومسؤولين في منظمات دولية، وذلك باستخدام برنامج طورته شركة تقنية إسرائيلية. و أكدت الحكومة المغربية أنها لم يسبق لها أن اقتنت برمجيات معلوماتية لاختراق أجهزة الاتصال، ولا للسلطات العمومية أن قامت بأعمال من هذا القبيل، مشيرة إلى أن الائتلاف الصحفي، الذي تقوده منظمة "فوربيدن ستوريز"، وفي جميع المواد الصحفية المنشورة من قبله، عجز إلى حد الآن عن تقديم أدلة أو قرائن تثبت ادعاءاته. صحف أجنبية تؤكد عدم اقتناء "بيغاسوس" من طرف المغرب، وتقدم الأدلة على ذلك كشفت وسائل إعلام إسبانية، نقلا عن نظيراتها الإسرائيلية، معطيات مثيرة عن محاولات توريط المغرب في فضيحة تجسس عالمية عبر برنامج "بيغاسوس"، وهي الحقائق التي من شأنها أن تبرئ المملكة تماما، وتفضح الجهة الحقيقية التي تقف وراء "المسرحية". وحسب ما أورده موقع "أوكي دياريو" الإسباني، فإن المغرب لا يتوفر حاليا على برنامج "بيغاسوس" التجسسي، أولا بسبب سعره الباهض جدا، وثانيا لأن إسرائيل لا تسمح ببيعه إلا لحلفائها المقربين، مع بند يسمح لها بإلغاء رخصة استعماله إذا ما ثبت أن الجهة التي اقتنته استعملته للتجسس على دولة ما، وهذا ما يتطابق مع الرواية الرسمية للحكومة المغربية. هاتف ماكرون لم يتعرض للاختراق عبر "بيغاسوس" أشارت صحيفة "أوكي دياريو" إلى أن عمليات التجسس التي تعرض لها هاتف ماكرون لم تأت انطلاقا من برنامج "بيغاسوس"، بل عبر برنامج آخر يدعى "دارك ميتر"، تنتجه شركة مستقرة بدولة الإمارات، وسبق للاستخبارات الخارجية الفرنسية أن اقتنته منها، إذ أنه يعمل تقريبا بنفس الطريقة، فهو قادر على اختراق الهاتف المستهدف وتسجيل مكالماته واستعمال الكاميرا والميكروفون لتوثيق ما يدور في محيطه، بالإضافة إلى تصفح محتويات الجهاز وإرسال إحداثيات دقيقة عن مكان تواجده. وأكدت "أوكي دياريو" نقلا عن مصادرها، أن الاستخبارات الفرنسية هي من كانت تتجسس على الرئيس ماكرون، وعندما افتضحت العملية، حاولت ترويج معطيات مغلوطة وتوريط المغرب في قضية لا صلة له بها لا من قريب ولا من بعيد. وبناء عليه، يتضح من خلال ما سبق، أن المغرب لا يمتلك هذا البرنامج التجسسي "بيغاسوس"، إضافة الى حرص المملكة المغربية دوما على ضمان سرية الاتصالات الشخصية بقوة الدستور، وبمقتضى الالتزامات الاتفاقية للمملكة، وبموجب قوانين وآليات قضائية وغير قضائية تضمن حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي والأمن السيبراني لكافة المواطنين والأجانب المقيمين بالمغرب. بقلم الحسن محتي