أجرت الزميلة "هسبريس" حوارا صحفيا مع الاتحادي طارق القباج رئيس المجلس الجماعي لأكادير والذي قال فيه إن الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر "يقوم بخدمة خصوم الحزب من أجل نسف الاتحاد"، مشيرا إلى أن المؤتمر الإقليمي السادس للحزب بعمالة أكادير إدوتنان "قام بفبركته المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي وبيادقته" على حد تعبير القباج. طارق القباج تحدث أيضا في هذا الحوار، عن مصير الاتحاديين بالمدينة بعد طردهم المرتقب من الحزب"، كما عرج على واقعة "التشخشيخ" واصفا تباعمرنت بالشيخة الكبيرة.. ونظرا لأهمية الحوار نعيد نشره حتى تعم الفائدة. دكتور طارق ما الذي وقع في حزب الاتحاد الاشتراكي؟ ماعرفت (يضحك).. الذي وقع اليوم هو نتيجة مسلسل من الأخطاء. فحزب الاتحاد الاشتراكي اليوم ليس هو حزب عبد الرحيم بوعبيد وعمر بنجلون. يمكن أن يقول بأن بداية الأزمة بدأت منذ التسعينات. منذ أن فقد الحزب رجالا يملكون تصورا، ويستطيعون لم الشّمل. عمر بنجلون أو المهدي بن بركة أو بوعبيد، مناضلون لا تلدهم النساء كل سنة. يفكرون في مغرب الغد، ومن ذلك يستمد نضالهم قوته. أذكر أنه عندما التقيت عمر بنجلون في شنبر 1975 بعد خروجه من السّجن، سألني عن دراستي. فقلت له سأتمم دراستي بالسلك الثالث رفقة زوجتي، ثم سأعود للمغرب كي أناضل. قال لي وقتها بأن المغرب الآن والحمد لله يتوفر على يد عاملة كافية، وأنه يحتاج إلى نُخبة مُكَوّنة بشكل جيد لتُسيّر البلد غدا، ونصحني بأن أواصل دراستي وتكويني لأحضّر دكتوراه وهذا ما فعلته. سَردتُ هذا لأبين كيف كان رجال الأمس يملكون بُعد النّظر وتهمهم مصلحة الناس والبلد. لأن تسيير البلد يحتاج مناضلين مُكوّنين بشكل جيّد ومنضبطين. كان لرجال الحزب نظرة بعيدة المدى. في المؤتمر الاستثنائي كان المكتب السياسي مشَكّلا من رجال لهم تخصصات متنوعة، فالجابري مكلّف بالجانب الاديولوجي، والحبابي مكلف بالاقتصاد، ومنصور بالمقاومة، اليازغي مكلف بالتنظيم وبوعبيد هو الزعيم ورجل دولة نزيه يجمع الاتحاديين. لكن أين حزب الاتحاد الاشتراكي من هذا كلّه الآن؟ الحزب اليوم لا علاقة له بهذا. لا علاقة. ولكن هذه التطورات لم يفرزها اليوم، بل منذ سنوات. عندما جاءت حكومة التناوب جاءت بالكثير، مثلا محاربة دور الصّفيح، ففرضت ضريبة على كل طن من الاسمنت، لأن اليوسفي كان يؤمن بأن السكن اللائق من الضروريات. بالنسبة لأكادير مثلا، فأغلب الفنادق بُنيت في عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي، ومنذ ذلك الوقت لم يُبنَ أي فندق في المنطقة السياحية، ولولا الذي بُنِيَ في عهد اليوسفي تلك الفترة لماتت السياحة بأكادير، طبعا دون إغفال المورنيش الذي جاء بعد ذلك. اليوسفي لم يأت للحكومة من أجل الكرسي، بل جاء من أجل أن يُقدّم شيئا لهذا البلد، وحتى أعود لسؤالك، فإن الحزب اليوم فقد تلك الشجاعة. هناك تراجع سواء على المستوى الوطني أو المحلّي. يعقد الحزب اليوم مؤتمره الإقليمي السادس كيف حال "الاتحاد" محليا؟ أكادير مدينة اتحادية منذ زمن الاستعمار. لكن هذا المِلْك بدأ في الاندثار. فمنذ المؤتمر الأخير إلى الآن تبين أن الكاتب الأول ادريس لشكر لم يقم بأي محاولة لجمع الشمل الاتحادي. بل يريد بناء حزب من أشخاص كلهم" garde à vous". يريد حزبا من الجنود الذين لا يعارضون أبدا، فقط يُنفذون الأوامر. كلما كان الحزب ديموقراطيا كلما عرف اختلافات. نتفق على ماهو أساسي ونختلف على ماهو تاكتيكي. مثلا أن يقول أحدهم بأنه يجب أن نركز على البنية التحتية، فيقول آخر يجب أن نركز على الجانب الاجتماعي. لكن الحزب الآن يفتقر إلى أي نقاش اديولوجي، ولا وجود لنقاش لكل المشاكل التي يعيشها المغرب داخل الحزب. سواء التعليم، أو الصحة، ولا بالنسبة لتصَوّر عمل المدينة. بالنسبة لأكادير، فكل الذي أُنجز تم انجازه بفضل مجهودات فردية للمنتخبين داخل المجلس. أنا لم أُصوت على ادريس لشكر، لكن قبلت بنتيجة المؤتمر، وحاولنا أن نشتغل بالجدية. للأسف تبين أن لشكر يريد Un parti croupion. ، أي حزب فيه أشخاص "تقول ليه دُورْ يدُور، وْقف يْوقف". والدليل هو انتخاب الأجهزة المحلية، هناك مكاتب محلية تم انتخابها في السيارة بدل القاعة. ثم كيف نفسر أن المكتب السياسي انتخب منذ عامين ولم يتم تقسيم المهام لحد الساعة. لا وجود سوى لكاتب أول بدون نائب، "كلشي مسؤول وحتى واحد ما مسؤول"، الحاجة الوحيدة التي قاموا بها هي توزيع أعضاء المكتب السياسي على الجهات، ففي مجالس الأقاليم يبحث لشكر عن بيدق من بيادقه خارج القاعة إذا لم يعجبه الذي تم اختياره داخل القاعة، وفي الشبيبة الاتحادية بمراكش مثلا تم التعيين داخل السيارة. في أكادير تم اعتماد عملية خطيرة جدا، وهي حل جميع الاجهزة. فلماذا لم يقم بنفس العملية في تارودانت مثلا؟ بعد ذلك تم تعيين لجنة، ولم يتم استدعاء الجميع للمؤتمر المزمع عقده. أنا عضو في الكتابة الجهوية ولم يتم استدعائي لحضور المؤتمر دون انتخاب وإنما عن طريق التعيين، وبذلك سيعقد بدون الأغلبية، لأننا من يمثلها بأكادير، بدون أدنى الشك يبدو المؤتمر تطبيقا لرغبة المكتب السياسي وبيادقه محليا. هل تقصد أن ادريس لشكر هو سبب أزمة حزبكم؟ لشكر "فاشيستي"، يريد أن يكون هو الزعيم الوحيد ولا أحد غيره، رغم أنه لم يُحاول لم شمل الحزب. يطرد كل من يعارضه، وهو أيضا بيدق من بيادق اليازغي. بيد أن الأزمة لم تبدأ اليوم، في اعتقادي منذ 2002 و2003، كانت هناك خصومات وانشقاقات. بالنسبة لي الكاتب الأول الحالي يشتغل لصالح خصوم الحزب، أحيانا أطرح سؤال أيشتغل لشكر لصالح مخزن الثمانينات والتسعينات؟ فتصرفاته توحي بأنه يريد تشتيت الحزب وقتله. فبعدما فشل المخزن في تشتيت "الاتحاد" من الخارج هاهو لشكر يقوم بذلك من الداخل، لأنه يحارب الأشخاص المتجذرين في منطقتهم وفروعهم، وفي الانتخابات المقبلة من المحتمل أن يمحى حزب الاتحاد الاشتراكي من الخريطة. هل يملك ضمانات بأن يتوفر في البرلمان المقبل على 18 أو 20 برلمانيا كي يُصبح وزيرا، لأن لشكر كان من الذين عارضوا فكرة المشاركة في حكومة الفاسي، لكن عندما مُنح مقعدا وازنا تخلّى عن فكرة الخروج من الحكومة مما يبين أنه انتهازي. أصحيح أنكم تعتزمون الترشح مستقبلا بصيغة "اللامُنتمي"؟ كُولشي ممكن. ادريس لشكر سيطردنا من الحزب، ما من شك في هذا الأمر. هناك دينامية جديدة في المدينة، عدد كبير من المناضلين غير راضين على ما يجري، والتوجهات تنصب لتأسيس حزب جديد أو تيار جديد، لأنه من العار أن تضيع سنوات طويلة من النضال لأن سي ادريس يرغب في ذلك. وإن طردنا من الحزب فلدينا عقدة من المواطنين ولابد أن نتمم برنامجنا. تيار جديد؟ هل تقصدون التيار المعروف بتيار الزايدي؟ يمكن أن نلتق جميعا، لكن هناك إخوة يفكرون وطنيا في تأسيس حزب بمفهوم جديد، حزب قوي يأتي بأفاق جديدة وممارسة جديدة لكن مطبقة بتقاليد قديمة لحزب الاتحاد الاشتراكي. مع ضرورة توضيح أنني لم أكن في تيار الزايدي، لكن كانت تربطني بالمرحوم الزايدي شخصيا علاقة خاصة، انسان ديموقراطي. يوجه دائما نحو اتجاه ملائم، وكان يعطي للجميع فرصة للتعبير عن موقفه، من هنا كانت علاقتي به جيدة لكني لست في تياره. أحد القياديين بالمدينة صرّح أنه تم انتخاب " مؤتمري أكادير " بنسبة 80 بالمائة؟ كذوب. تم تعيين المؤتمرين وليس انتخابهم. هدفهم هو التقاط صور لقاعة تعج بالناس، حتى وإن كانت مملوءة بالشيخات سيفرح ادريس لشكر. المهم ألا تكون بينهن تباعمرانت (يضحك). وعلى ذكرها فقد سارعت إلى تحيتها بمجرد سماعي تلك المهزلة ( يقصد لفظ التشخشيخ ) واتصلت بها وعبرت لها عن تضامني. وعندما اجتمعنا في المجلس بعد قراءة الفاتحة على عموري امبارك تناولت الكلمة وقمت بتحية الشيخة الكبيرة تباعمرانت.